كلّ الذي قاله: هذه يدُ أمِّك! وهذه العبارة قتلت 20 شخصًا!

وقبل أن تبدأ بالسباب وشتم الواقع العربي، هذا الحدث لم يحدث في بلداننا، بل حدث في أمريكا وتحديدًا في سنة 1787.

القصّة تبدأ بأطفال يُضايقون طالب طب امريكي يُدعى جون هيكس، وهو يشرِّح جثة في غرفة بمستشفى نيويورك، فرأى الأطفال يزعجونه في الخارج، فأراد أن يمزح معهم ويخيفهم، وصار يلوّح لهم بيد جثّة يشرِّحها.

هيكس -عفا الله عنه وأصلح- لم يكتفِ بهذه المزحة بل أخذها إلى مستوى آخر، فأصبح يقول لهم عندما لم يكفّوا عن ازعاجه: هذه يد أمِّكم! سأضربكم بها إن لم تنتهوا!

حسنًا، أطفال وينسون، لا بأس! لكن المشكلة أنّ من بين هؤلاء الأطفال كان هناك من فقد أمّه حديثًا، فتأثَّر الطفل بالقصّة، وركض إلى أبيه باكيًا: أبه! سرقوا أمِّي! قطّعوا يدها!

نيويورك في ذلك الوقت كانت مضطربة، كان السكّان ناقمون من عصابات تسرق جثث الموتى، وتبيعها إلى طلّاب الطب والمستشفيات لغرض التشريح والتعلّم، سمعة طلّاب الطب ما كانت جيّدة.

ولكي يزداد الطين بلّة، يذهب والد الطفل لرؤية قبر زوجته، فيرى القبر منبوشًا، والجثّة مسروقة. عفا الله عنك هيكس انظر ماذا جلب مزاحك!

وهيكس كان تلميذّا لأستاذ اسمه د. ريتشارد بايلي، وهو معروف في زمانه أنّه كان يسرق الجثث لأجل تعليم طلّابه، فافترض الناس أنّه سيشبه معلّمه في هذه الناحية.

يستنجد الأب بعصابات الحيِّ الفقير الذي يوجد فيه، فتهبُّ إلى المستشفى طالبةً القصاص من طالب الطب السارق، وشُحنت القضية وتبعها غضب السكان واجتماعهم حول المستشفى.

طلّاب الطب كانوا في خطر تلك الأيّام لدرجة أنّ الشرطة كانت تسجنهم فقط لكي تحميهم من الجماهير الغاضبة! ويقال أنّ مقيمًا في المستشفى قد اختبئ في مدخنة!

وشيء قاد إلى آخر، وفي ظروف متوتّرة، صار هناك إطلاق للرصاص، فقتل حوالي 20 شخصًا بسبب هذه الحادثة، وانتشرت كالنار على الهشيم، فصارت مظاهرات في 7 مدن أخرى اعتراضًا على الحادثة وسرقة الجثث.

القصّة توضّح فعال الصدفة! وكيف يمكن أن يجتمع شيء على آخر، فيخرجك مجرمًا مع سبق الإصرار رغم أنّك كنت تمزح أصلًا! لهذا يتوجَّب على الطبيب البارع -بل وعلى كل شخص بمنصب ومهنة- أن يتخيَّر الكلمات التي لا تؤخذ عليه، ولا تسبّب له المشكلات في المستقبل.

وعُوفيتم!