بالطبع نحن نتابع الحرب الدائرة في أوكرانيا، ورأينا كيف تعاطف المجتمع الدولي مع المواطنين الأوكرانيين، وقد خرجت في هذه الأثناء عدد من التصريحات وردود الفعل، فأظهر الكثير من الشباب العربي استعداده لاستقبال اللاجئات الأوكرانيات، وبدأت تظهر مقاطع الفيديو عن ملكات جمال أوكرانيا وانضمامهن للجيش، وبدأ التغني بجمال الأطفال في أوكرانيا، إلا أن وصل إلى المسؤولين الذين صرحوا بعدم قلقهم من موجة اللجوء لأن اللاجئين في هذه الحالة شقر وبعيون زرقاء!

وهو الأمر الذي أثار حفيظتي، جدًا، واستحضرتني مقولة لنيتشه طوال الفترة الماضية وهي: "إذا قتلت صرصورًا فأنت بطل وإذا قتلت فراشة فأنت مجرم، إن للأخلاق معايير جمالية" وهي عبارة على بساطتها إلا أنني وجدت فيها أبعادًا كثيرة، وأسقطتها على الوضع القائم، وإنه من الملفت هذا التضامن المخيف -والذي لست أعارضه- مع الأزمة الأوكرانية والذي تجاوز أي تضامن مع أي بلد منكوب آخر، وسألت نفسي ما الدافع وراء هذا التضامن؟ أهو الإنسانية التي أتضامن أنا عن نفسي باسمها أم شيء آخر؟ أيشق علينا أن ننظر لطفل جميل ونتخيل أن بيته قصف ومات، ويصبح الموضوع أسهل إذا كان الطفل "غير جميل" مثلًا أو لا يوافق معايير الجمال التي يتصورها معظمنا؟  هل تعاطفنا يزداد تجاه الأشخاص الذين يشاركوننا في الإنسانية وأجمل نسبيًّا؟

مخيف جدًا أن يحتكم تعاطفنا أو أخلاقنا أو حكمنا على الأمور بمعايير جمالية، ونصبح مدفوعين بتلك المعايير عوضًا عن االتفاعل بدافع الإنسانية، لا أعتقد حقيقة أن أي شعب أو أمة يستحقون الحرب أو النزاع، لا أحد يستحق أن يعيش في حالة خوف ورعب من أن يفقد حياته في أي لحظة، لكن وعلى الجهة المقابلة من المعيب جدًا أن نصل للقرن الواحد والعشرين، ولدينا ما يكفي من دروس التاريخ والفلسفة ومنظومات الحرية والأخلاق، ومع ذلك نتضامن مع الشعوب التي توافق المعايير الجمالية، ونتغافل عن أخرى، ما يجب أن نفهمه أن الإنسانية لا يمكن تجزئتها، إما أن تحب أخاك الإنسان عامة بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه أو دينه، أو تكون عنصريًا يرى أن حياة إنسان معين أهم من آخر بسبب سمات لم يخترها بالغالب مثل اللون أو العرق!

 لا يمكن أن تحمل العصا من المنتصف حين يتعلق الأمر بالإنسانية.

أحب أن أعرف آراءكم في هذا الموضوع، وما الإجابات المحتملة لتساؤلاتي؟