أثناء حضوري لاجتماع العمل، سألنا المدير كيف كان أسبوعكم الماضي، وما كان مني إلا إجابة تلقائية تماما لا أتذكر، وبالفعل كنت لا أتذكر ماذا فعلت، وكأني كنت بسباق ماراثون جري؛ ما انفك أرى نفسي عند خط النهاية، لكن كم خطوة جريت لا أدرى.

بدأت أفكر في جوابي والحقيقة كم هو قاسي، فنحن في صراع مع الوقت، فمع زخم يومنا قد نصل للعطلة وتنتهي ونحن نصارع الأحداث، فكروا قليلا بمعدل انقضاء الوقت بيومكم قد تفهمون ما أقصد.

ورغم أني من الأشخاص التي لا تحب البطء أبدا، لكن لفت نظري مصطلح الحياة البطيئة slow living، وتساءلت هل أصبح البطء الآن نظام حياة؟

لكن الفكرة ليست بأن تكون بطيء لدرجة البطء المضر، ولكن الأمر أشبه بتقليل سرعة فيديو ممتع وتريد الاستمتاع به أكثر.

فمثلا بحياتنا اليومية إن اقترح علينا أحد بتناول فنجان قهوة أثناء العمل، نرد مباشرة لا نحن مشغولون، وكأن كلمة انشغال أو مشغول بثقافتنا تعني أننا أشخاص مهمون، رغم أن تناول كوب القهوة قد لا يتجاوز عشر دقائق على الأكثر.

أيضا ثقافة الطحن، والتي تعظم الانشغال وأن العمل الإضافي والنوم بمكتب العمل يعني أن هذا الموظف شغوف ومتفاني.

والحياة البطيئة هنا تأتي رفضا لهذه الخطى السريعة والاندفاع الجنوني والاجتماعات المستمرة وأحاديث زملاء العمل التي لا تنتهي والإشعارات وإيميلات العمل والهاتف، يا الله مجرد التخيل فقط يجعلنا ندرك أن هذا لا يمكن أن يكون مناخا مناسبا لتحقيق نتائج ذات مغزى، على عكس الحياة البطيئة والبطيء في العمل والتركيز على المهام التي تحقق النتائج.

والأمر هنا بعيد عن التكاسل أو الكسل، ولكن ليأخذ كل شيء حقه.

لكن الأمر متعلق بإدراتنا لأوقات الفراغ الخاصة بنا، وأن نتعلم أن نقول لا بكل أدب، ونخصص وقت فراغنا لما نحن شغوفيين به حقيقةً، لابد ألا نسمح لوقت فراغنا أن يذهب من بين أيدينا هباءً مثل الساعات التي تختفي عند تصفحنا الهاتف مثلا، يمكن هنا استبدالها بأمور أكثر فائدة وتأثيرا بالنسبة لنا.

الأمر أشبه بالقراءة البطيئة وفوائدها وكيف ستكون النتيجة لو قارناها بالقراءة السريعة بالتأكيد سيكون هناك استفادة أكبر، واهتمام بالتفاصيل أكثر.

باختصار هذا النهج من الحياة، يساعد على استغلال الوقت بالصورة المثلى لنا وبالطريقة التي نشعر نحوها بالراحة، ببساطة تعني أن نكون ممتنين لكل ما نملك، وأن نشعر بمتعة كل لحظة نعيشها، تعني العمل الهادف، والعلاقات العميقة والترفيه البهيج، فكل ما في حياتنا يأخذ حقه على أكمل وجه سواء العمل أو العلاقات، أو حتى أوقات الفراغ الخاصة بنا.

وكوني من الأشخاص التي تود أن تنجز كل الأشياء جميعها مع اختلاف درجة الأهمية دون إهدار أي شيء، وتسارع بذلك لدرجة أن الوقت لم أعد أشعر به مجددا، فوجدت أن هذا النمط قد يفيدني بشكل كبير، ليعيدني للاستمتاع بكل لحظات الحياة وتفاصيلها.

شاركوني بنمط الحياة الخاص بكم، وما رأيكم بنمط الحياة البطيئة، وهل تجدون له سلبيات قد تنعكس علينا؟