هل السعادة الحقيقية تأتي من تحقيق الأهداف الكبيرة، أم في اللحظات الصغيرة والبسيطة من الحياة؟
شاركوني آرائكم
هذا يعتمد على المعايير الشخصية، فأنا مثلاً أتبع نمط من أنماط الصحة النفسية يقوم على تقدير الذات، وهنا تجد أنني كلما فعلت شئ ولو صغير أقدر نفسي عليه وأشعر بسعادة حتى لو بجرعة بسيطة منها، وطبعاً نسبة الشعور تتفاوت بقدر المثير وهو الانجاز.
وهناك أشخاص يربطون السعادة بمهمة أو هدف ما، مثلاً عندما أقول سوف اكون سعيد لو قام العميل باستلام المشروع وحصلت على تقييم مرتفع، ويمكن أن تكون السعادة نتيجة تتابع نقاط هدفية، ففي المثال السابق قد لا يكتفي أحدهم بالسعادة لو قام العميل باستلام المشروع بل يقول سأكون سعيد لو قيمني ثم طلب إعادة توظيفي.
وكلما كانت السعادة مشروطة قلت نسبة الشعور بها
مؤخرا بدأت أسأل نفسي عن ماهية السعادة الحقيقية. فقد لاحظت أن الإنجازات الكبيرة لم تعد تعطيني سوى لحظات معدودة من السعادة. فأغلبنا دائما ما يقول إذا استطعت جمع مبلغ كذا سأكون سعيدا جدا أو إذا التحقت بتلك الوظيفة سأكون أسعد شخص على الإطلاق أو إذا استطعت شراء كذا سيجعل البسمة لا تفارقني، لكن مع مرور بضعة أيام فقط تبهت تلك السعادة إلى أن تختفي تماما. وأذكر بعض الإنجازات التي كنت أراها ضخمة للغاية وقد استغرقت مني شهورا لتحقيقها وحرفيا ذهبت سعادتها في أقل من يومين.
وعلى النقيض، هناك بعض المواقف البسيطة التي كلما ذكرتها تستطيع أن ترسم على وجهي ابتسامة صادقة وتشعرني بسعادة غامرة. لذلك بدأت أميل لتصديق أن السعادة تأتي من اللحظات الصغيرة والأشياء البسيطة
نعم اتفق تمامًا فيما يتعلق بربط السعادة بالماديات، في رأيي هذا اقل مصادر السعادة ديمومة. لطالما نعتقد انه اذا ما اشترينا شئ ما سنكون اكثر سعادة، وعندما نمتلكه بالفعل لا تغمرنا تلك السعادة التي حسبناها بل سعادة اقل ولا تدوم طويلًا ايضًا. اعتقد أن مصدر هذه السعادة يغذيه النزعة الاستهلاكية السائدة في هذا العصر. تلك النزعة تجعلنا نشعر أننا لن نكون سعداء إلا عند امتلاك هذا المنتج أو ذاك. وعليه يجب علينا مراقبة هذه النزعة بنا، وأن نعمل علي ربط مصادر سعادة صحية وتتسم بالديمومة.
السعادة في الرحلة وليست في الهدف ، السعادة هي أن نستمتع بالتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة، لأننا إن لم نتمتع بها لن نتمتع بالأشياء الكبيرة.
هنالك انيمي من إنتاج شركة باسكر, يحكي بالتحديد عن هذا الأمر. اسم الفيلم Soul,و يحكي قصة جو غاردنر، معلم موسيقى في المدرسة المتوسطة يحلم بأن يصبح عازف جاز محترف. بعد حصوله على فرصة العمر للعزف في فرقة جاز مرموقة، يتعرض لحادث ينتج عنه انفصال روحه عن جسده، حيث يجد نفسه في عالم الأرواح. هناك، يلتقي بـ "22"، روح لم تولد بعد وتفتقر إلى الحماس للحياة. يساعد جو "22" على اكتشاف جمال الحياة بينما يتعلم هو بنفسه عن أهمية الاستمتاع باللحظة وتقدير كل لحظة في الحياة، بعيداً عن التركيز فقط على تحقيق طموحاته المهنية.
الغرض من القصة هو استكشاف معنى الحياة وأهمية السعي لتحقيق الأحلام مع تقدير اللحظات البسيطة والعابرة في الحياة. الفيلم يركز على أن الحياة ليست فقط عن الإنجازات الكبرى، بل عن التجارب اليومية التي تجعلها ذات قيمة.
أجل "فالسعادة في الرحلة وليست في الوصول،" لقد شاهدت هذا الفيلم أنه فيلم مدهش ولكن ماذا نفعل إن لم نستطع أن نجد السعادة في الأشياء البسيطة؟
اعتقد أن احد عيوبنا كبشر، اننا نأخذ النعم المحيطة بنا والتي فينا من المسلمات، فلا نعتبرها مصدر من الرضا والسعادة. للتغلب علي هذا العيب فينا، يجب علينا تذكير انفسنا دائما بمكاننا وسط البشر. اين موقعنا؟ انحن وسط شعب يعاني من الاضطراب وإنعدام الامن لحروب اهلية او دولية مع دولة اخري؟ اننام في العراء ببطون خاوية؟ انستطيع القراءة والكتابة؟ الدينا مصدر مادي دائم او شبه دائم؟ ألدينا هاتف؟ ثلاجة؟ تلفزيون؟ .. مثل هذا الاسئلة تذكرنا دائما بأننا يجب علينا الاستمتاع بالأشياء الصغيرة، لانه لا يوجد سبب بأن لا نفعل ذلك.
بالنسبة لي أرى السعادة في الإنجازات الكبيرة فقط، شئ مؤثر يحدث فارق هذا ما يجعلني سعيد فعلاً، فأنا مثلاً لا أشعر بالسعادة لو رتبت سريري ولكن سعادة الإنجاز تأتي لو رتبت الغرفة بالكامل ومكتب العمل.
وهذا نمط بصراحة له تأثير سلبي لأنني اربط السعادة بهدف لا بمراحل الهدف أي بالكل لا الجزء، حاولت تغيير ذلك ولكن شعرت أنني اخدع نفسي ولم أكمل المحاولة
السعادة الشرطية مهمة لانها تساعدنا علي الانتهاء من المهام المطلوبة, ولكن حذاري أن يكون هذا مصدر سعادتك الوحيد. نصحيتي أن تعمل علي فتح مصادر سعادة اخري يومية تساعدك علي اكتساب الدوبامين للرضا اليومي. انا مثلاً اصبحت اطبخ اكلي بنفسي بدلاً من الاعتماد الكلي علي امي, وهذا ساعد علي اكتساب مهارة جديدة تشعرني بالسعادة اليومية عند رؤية الطعام الذي اعددته بنفسي. ايضًا الذهاب يوميًا إلي الجيم يجعلني اشعر بالرضا والسعادة عند الانتهاء منه في كل يوم اذهب فيه.
سؤال جميل ومثير للتفكير! السعادة يمكن أن تأتي من مصادر متعددة، وقد تختلف من شخص لآخر. إليك بعض الأفكار حول كلا الجانبين:
تحقيق الأهداف الكبيرة
اللحظات الصغيرة والبسيطة
خلاصة
ربما تكون السعادة الحقيقية مزيجاً من الاثنين. الأهداف الكبيرة تمنحنا شعوراً بالإنجاز والطموح، بينما اللحظات الصغيرة تمنحنا الراحة والامتنان. التوازن بين السعي لتحقيق الأهداف الكبيرة والاستمتاع باللحظات البسيطة يمكن أن يكون المفتاح لسعادة مستدامة.
ما رأيك؟ هل تجدين السعادة أكثر في تحقيق الأهداف الكبيرة أم في اللحظات الصغيرة؟
التعليقات