أين محل ثقافة النظافة في العالم العربي ؟


التعليقات

أتذكر حفل موكب المومياوات الشهير الذي أبهرت به مصر العالم كله، أتعرف ما حدث للمتحف بعد افتتاحه بأسبوع؟ كانت القمامة وأكياس أكل الطعام الفارغة والزجاجات تملأ الساحة الخارجية له، على الرغم من أن الناس هناك مبنهرة بالموكب والمتحف، ونعم لم توجد سلة قمامة لأن مدخل المتحف ليس مكاناً لها، ولكن هذا لا يعني أن نرمي القمامة أمام المتحف.

الفكرة في تدني نظرة العربي لبلده، حتى وإن قامت بعرض وعمل عظيم الشأن، هناك مشاعر بالتدني تجاه البلد في قلب كل مواطن مصري، لن أحترم تلك البلد، وهذا ناتج غالبا عن سوء الأحوال المعيشية، لو تغيرت تلك المشاعر تتغير تصرفات المواطنين ومنهم رمي القمامة بالشارع تلقائيًا.

صحيح ما قلت سيدي، بطريقة ما، يعتبرون ذلك كانتقام من الدولة التي لا تأخذهم بعين الاعتبار

"اذا انعدم الوازع الديني و المسؤولية، انعدمت جميع الروادع" هكذا قالها الأستاذ المحاضر في جامعتي لمادة في الهندسة الميكانيكية. لقد كان على حق.

أتعلم ما المشكلة أخي رباح؟ أن الذي كان يعلمنا أن النظافة من الإيمان، هو نفسه الذي يرمي النفايات. المشكلة أيضا أننا نقلل من احترامنا من منزلة الشخص المحترم الذي يقم بتنظيف أزقة الحارات و الشوارع لكي نتمتع بجمال المدن. للأسف بعضنا ينقص منه و يحسب أنه آفة على المجتمع.

ان الطفل منذ الصغر في مرحلة البرمجة، عقله قابل للتغيير، و قابل لأن يستوعب معلومات هائلة، و كلنا نعلم أنه سيعمل بما كان يراه و ينفذه قدواته.

في هذه الحالة وجب علينا تعليم الأطفال بالتجربة. و ذلك بأن يتم اخراجه مع فرق تطوعية لتنظيف الغابات، حثه على المساهمة بإماطة الأذى عن الطريق.

و للأسف ان غياب ثقافة النظافة لدى الدولة، تكمن أيضا في خطة الحكومة. فمثلا رئاسة البلدية تعامل موظفين النظافة على أنهم في القاع و يعاملوهم أسوأ معاملة من الناحية النفسية. فهم أقل الموظفين في معدل الرواتب. مع أن مهنته لا تقل أهمية عن المهندس أو الطبيب. لنفرض جدلا أن عمال النظافة قد تغيبوا ليوم كامل عن تنظيف مدننا، كيف سيكون حالنا؟

بالإضافة، الى أن فكرة الاهتمام بالبيئة غير موجودة عند أغلب البلدان العربية. كلامك صحيح بوجود العديد من المؤسسات البيئية، لكن النتائج لا يوجد لها أثر، و ذلك بسبب التعليم الذي قد غيبنا عن فكرة الحفاظ على البيئة. بالإضافة الى ثقافة الشعب القليلة و التي تكون معدومة عند البعض تجاه الحفاظ على البيئة. فعند صدور انبعاثات العادم من المركبات، البعض يعتقد أنها تتلاشى في الهواء، المركبات الكيميائية الغازية تتفاهل مع الهواء لتزيد من نسب ثاني أكسيد الكربون. و الأمر كذلك عند رمي ورقة أو قطعة بلاستيكية، فالبعض يحسب أنها تذهب مع الزمن و تتحلل، لكن خلال عملية التحلل تصدر انبعاثات كيميائية سامة تتركز عندما تكثر كمية النفايات.

أذكر أنني عندما كنت في انجلترا، وجدت بعض الناس يتظاهرون، فعندما اقتربت منهم لأعلم السبب، وجدت السبب هو تظاهرهم على قرارات الحكومة البريطانية في مجابهة الاحتباس الحراري. لك أن تتخيل أن الشعب كان يناقش قضايا الاحتباس الحراري، و كانوا يطالبون باستخدام السيارات ذات المحرك الكهربائي و الاستغناء عن محركات احتراق الوقود.

بإمكاننا أن نعلم أن الشعب كان واعيا بما يحدث، لذلك نجد مدنهم نظيفة و هوائها نقي.

النظافة هو أمر يجب أن يكن له خطة واضحة و إشراك الشعب في تلك الخطة.

جميل كل ما قلته، لكن الأمر ليس له علاقة بأي دين كان، فلا أظن أنك بحاجة إلى دين ما ليخبرك أن النفايات تشوّه المنظر الجميل والخضرة من حولك، المشكلة مشكلة ثقافة مستواها أدنى من الشفرة على الأرض...

لكن الأمر ليس له علاقة بأي دين كان، فلا أظن أنك بحاجة إلى دين ما ليخبرك أن النفايات تشوّه المنظر الجميل

اتفق معك رباح.

"اذا انعدم الوازع الديني و المسؤولية، انعدمت جميع الروادع" هكذا قالها الأستاذ المحاضر في جامعتي لمادة في الهندسة الميكانيكية. لقد كان على حق.

لكن هنا، أراد الأستاذ أن يذكرنا بالدين الذي أمرنا بأنه يجب علينا اتباع الأوامر الشيء الذي نقدسه و نحترمه ألا و هو الدين و خصيصا أن المنطقة العربية لديها النسبة الأكبر ممن يتبعون الأديان مثل الدين الإسلامي، و المسيحي، و اليهودي. و نسبة ضئيلة جدا جدا من الملحدين.

المشكلة مشكلة ثقافة مستواها أدنى من الشفرة على الأرض

و كلامك صحيح، بأن الوعي يلعب دور كبير جدا في كل مكان و زمان.

ثقافة النظافة في الدول العربية وتحديدا في دولتي منعدمة تماما، وللأسف حتى أنه لا يوجد ما يحفز على اعتناقها.

هي بالنسبة لي مبدأ اتبعه، وبناءً على ذلك كنت أقوم بالاحتفاظ بالمخلفات في شنطة بحقيبتي حتى أذهب للمنزل وأضعهم بالقمامة، والتي بدورها أين يتم تجميعها؟ تخيل...، هذه القمامة قمامة المنازل لا يوجد مكان للإلقاء بها فيه فيتم تجميعها في منطقة فارغة ولك أن تتخيل المنظر العام.

برأيي هذه قضية مجتمعية هامة ويجب أن يكون هناك تكاتف بحلها، فالأمر أكبر من كونه ثقافة يتم ترسيخها، لابد أن يكون هناك حلول فعالة،

  • مثلا توفير صناديق القمامة على مسافات محددة وبكل الأماكن ولا تكون فقط مقتصرة على المدن أو الأماكن الحيوية.
  • السيارات التي تمر للمنازل لتجميع القمامة يجب أن يكون المرور بشكل يومي مع توفير حاويات القمامة الكبيرة بالمناطق السكنية كحل بديل في حال تأخر السيارات حتى لا يلجأوا لرمي القمامة بأي منطقة فارغة.
  • التوعية للجيل الناشيء، فمثلا هذا العام تم إضافة مادة للدراسة تعلم الطفل كيفية المشاركة المجتمعية ودوره في ذلك ومنها النظافة العامة، بالتدريج سيكون هذا سلوك دائم لدى الطفل، بل قد تجد الطفل هو من سيوجه أباه إن وجده يلقي القاذورات أرضا.
  • القوانين ولكن يجب أن تكون العقوبات فورية ورادعة

كل هذا سيساهم تدريجيا في حل المشكلة

إن توفير مواد دراسية للطفل حول النظافة ليس بالجديد، فهو موجود منذ الأزل، إلا أن الطفل دائما ما يعتمد على شيئين للمقارنة واستخلاص النتائج، وهما ما يدرسه في المدرسة وما يشاهده في محيطه وبين أهله، وإن كانت المدرسة تخبره بأن يرمي القمامة في حاوية القمامة، وفي المساء يرى والده يدخن ويرمي السجائر على الأرض، وأمه ترمي بالنفايات من الدرابزين، وجاره يرميها قرب حاويات القمامة لا داخلها و، و، و، و، و...بالتأكيد لن يكون هذا الطفل طفلا محبا للنظافة ومهتما بنظافة بيئته.

والمفارقة العجيبة، هي أن العربي يهتم بنظافة بيته أيّما اهتمام، بينما لا يفعل ذلك خارج المنزل البتة

إن توفير مواد دراسية للطفل حول النظافة ليس بالجديد، فهو موجود منذ الأزل، 

كمحتوى دراسي كان موجود بالفعل، لكن هذه المادة عملية أكثر من كونها نظرية وتعمل على تنمية ذلك بأسلوب عملي.

لا أختلف معك كون أن التضاد بالسلوكيات بين ما نحاول زرعه وبين الواقع يؤثر سلبا ويصيب الطفل بالتشتت، لكن إن تم العمل على المحاور الذي ذكرتها دفعة واحدة ستكون النتائج أفضل بكثير.

فأنا رغم أني أسكن بالمدينة الأولى بمحافظتي وبمنطقة راقية إلا أني أمشي حاملة القاذورات لمسافة ليست بالقليلة حتى أجد حاوية لذلك، وطبعا الكثير يستسهل ويرمي في أماكن غير مخصصة لذلك.

للأسف، نحن على أبواب 2022 ومازلنا نفتح مثل هذه المواضيع التي خلّفها العالم المتحضر خلفه بعقود طويلة

موضوع مهم جدا جدا جدا بصراحة

كثرًا ما أشاهد فعلًا تصرفات أطفال وكبار ناضجين ومسنين بهذه الطريقة ولا اعلم حقا كيف اتثرف معهم

أحيانا اشعر أنهم يحتجون على نصحهم، وأحيانًا يتقبلونها، احاول قدر الإمكان مهذبة بالطبع

بالنسبة الإجراءات الشكلية فكما قلت أنت الأمر يحتاج إلى يد من حديد، وتغريم منفذي القانون حتى، لأنه أحيانا يمكن التحايل على القانون بفساد ضمائر المنفذين

المشكلة الأساسية قبل أي شيء كان هي عدم اعتراف العربي بأن ثقافته التي يفتخر بها ملغّمة أكثر من خطي شارل وموريس، وعقليته هذه خلقت نوعا من الكبرياء الزائف الذي يمنعه من قول أنه مخطئ فيما يفعل ويعتذر ويحاول تصحيح أخطاء ثقافته الهدامة

صحيح هذه مشكلة اخرى

تروس الدفاع عن الثقافة العربية وإهانة الثقافة الغربية، أحزاب هنا وأحزاب هناك ، لا احد مهتم بالنظر للمرأة ليدقق في نفسه، ننسى ان حالتنا مزرية ونتظاهر أننا في النعيم

وهو كذلك

كيف تنظرون إلى مشكلة غياب ثقافة نظافة الأماكن العامة لدى العربي (خاصة) ؟

حقيقة أصلان ربما يكون هنالك بعض الإشكاليات لدى البعض، ويصدر عن البعض تصرفات مرفوضة،

من واقع حياتي ومشاهداتي الغالبية العظمى في مدينتي يتمتعون بثقافة عالية تجاه نظافة الأماكن،

لا نمانع من رفع ورقة أو علبة عن الشارع ووضعها في الحاوية،

في كلّ حافلة هنالك كيس أمام الراكب لوضع ما ينتهي من استخدامه فيه.

فعلياً هنالك تغريم لمن تلتقطه الكاميرات أو شرطي المرور يقوم بهذا الفعل.

تعتبر مدينتي من أنظف المدن ويتم مراعاة شروط السلامة العامة والنظافة في الشوارع والازقة والحواري أيضاً.

نعم هنالك بعض المخلفات التي يكون سببها عادة بعض الشركات أو المقاولين وتكون عبارة عن طمم أو كاوتشوك، حتى هذه تحملت مؤسستي مسئوليتها ووضعنا الشروط الرادعة لها.

كاميرات المراقبة متواجدة على الطرق العامة الخارجية ومربوطة بغرفة السيطرة التي يتم العمل فيها على مدار 24 ساعة، ويتم التقاط الشاحنات أو المركبات التي تقوم بمخالفات للبيئة ومعاقبتهم.

حالياً أقررنا تعليمات استخدام الأكياس القماشية، وسيتم تغريم المحلات التجارية التي تتعامل بأكياس البلاستيك، في محاولة لاستبدالها بالأكياس الورقية أو القماشية التي يمكن إعادة استخدامها أكثر من مرة من قبل المشتري.

مديرية البيئة في مؤسستي بالتعاون مع جهات حماية البيئة يقومون باعمال جبارة لمراقبة نظافة البيئة، كمواقع وهواء ومياه.

في الشواطئ العامة هنالك مراقب جوّال يتأكد من قيام الزائرين بعدم ممارسة أية فعل من شأنه الإضرار بالأماكن العامة.

بمعنى مختصر، لسنا سيئون لهذا الحدّ كعرب، نعم هنالك ممارسات خاطئة ولكن يقابلها ممارسات تصحيحية تحسينية.

المنشأ له دور كبير، والتربية لها دور كبير، والرقابة أيضاً لها دور كبير.

تجربتكم جميلة بحق

العربي بشكل عام كما قلتم في التعليقات, يفتخر بثقافة غير موجودة, بعيدا عن التعصب والتخلف الفكري.

العربي تشعر أنه مخلوق فقط ليخالف القوانين, ضع علامة ممنوع الدخول يدخل, ضع علامة ملكية خاصة يدخل ويفسد فيها, وفر له المنتجات والطعام وكل شيء يخترع لنفسه مشاكل, افتتح له متنزه جميل يقوم بجلب أطفاله ليفسدوا كما أفسد من قبلهم يأجوج ومأجوج, ضع له مكان بالقرب من بيته لرمي النفايات سيرميها في الطريق, لاننسى أيضا بعد الأفكار الغبية السائدة مثل أن الشتم والسب يعتبر رجولة واذا كنت شخص محترم قد تتعرض للتنمر حرفيا.

هذا ما يعرف بالثقافة السامّة

ربما ترتبط هذه الثقافة بعلاقة هذا المُواطن بالجمال. فعندما تسير في مثل تلك المدن، تجدها مكدسة بالسكان، شديدة الزحام، ولا وجود للتخطيط فيها، فلا تجد طرقات مرصوفة جيداً أو معمار وفن جميل أو مساحات خضراء. ربما هذا التعود على القبح هو ما يؤدي إلى اللامبالاة واللااكتراث بالنظافة واحترام النظام.

أيضاً ربما لا يشعر هذا المواطن بالانتماء، نظراً لأن ليس له قولٌ في مجريات الأمور فلا يشعر أن هذا البلد بلده.

صحيح، هذا جزء من العلة أيضا

النظافة هي سلوك يُكتسب بالمُمارسة ومع الأسف لم يتربى عليه معظم الأشخاص في مجتمعنا العربي؛ والفكرة أن ثقافة النظافة لا ترتبط بفقرٍ أو غنى كما يظُن البعض، بل إنها قائمة أولًا على التربية ثم الإكتساب من البيئة المُحيطة به.

بتجربة شخصية اعتيادي على النظافة كان سببه أمي، علمتني أن أضع أي شئ عندما لا أجد سلة قمامة في حقيبتي، أو في شنطة بلاستيكية ثم الحقيبة، وفي النهاية أضعه في سلة القمامة عندما أجدها أو أنتظر عودتي إلى المنزل.

على عكس الكثير من زملائي في المدرسة كانوا يلقوا القمامة في فناء المدرسة، رغم أننا كُنا في مدرسة خاصة ونظامها أجنبي، ولكنهم تربوا على ذلك، وكانوا يروا أن هناك عاملات دورهن النظافة وليس نحن.

ففكرة أن تزرع في طفلك هذا المبدأ فأنت تنزع منه فطرة النظافة من الأساس!

وبالمناسبة هؤلاء الأشخاص لا يكونوا هكذا من الخارج فقط، بل حتى بعضهم يكون مهمل في نظافته الشخصية ونظافة منزله.

لذلك أجد أن ثقافة النظافة تبدأ من المنزل والتربية ثم يخرج الشخص بمبادئه للمجتمع الخارجي نظيفًا.

ظاهرة مؤسفة للغاية

إذن في رأيك، هل تعتقد أن القانون الذي يشرع العقوبة جيد بخصوص النفايات؟

أتذكر أن هنالك نقاش تم طرحه، وقد ذكرنا أن سانغفورة تسن قانونا صارما بعدم تناول العلكة، لأنها تلوث الشارع، وأكلها يعتبر جريمة، @Ahmed_Sobhi لكن زميلنا اعبترها تقييدا للحرية الفردية، وأنه لا يمكن أن يلتزم بقانون شبيه..

قد تصل غرامة بيع العلكة حتى 5000 دولار وغرامة ووارد تحويلها لجريمة حبسية، في البداية قد تقول متسائلا، هل كله لأجل النظافة وحسب، لكن سانغفورة أعطت تبريرا أنها تخسر أموالا طائلة سنويا لأجل نظافة واقتلاع العلكة من الشوارع التي يتم إفسادها بهذه اللبان، ناهيك عن سبب ضرها للصحة، وأيضا بعض الحيوانات كانت تنفق بسبب تناول العلكة ظنا أنها طعام..

هل سن هذه القوانين في نظركما يجب أن تكون جيدة ويمكن أن تغير فعلا، أم كما قال أحمد تقييدا للحرية وحسب؟

هكذا قانون يمس بالحرية الشخصية هذا واضح، لأنه بإمكانهم إيجاد آلاف الطرق لدفعهم إلى عدم رمي العلكة أرضا بخلاف منعها.


ثقافة

مجتمع لمناقشة المواضيع الثقافية، الفكرية، والاجتماعية بموضوعية وعقلانية. ناقش وتبادل المعرفة والأفكار حول الأدب، الفنون، الموسيقى، والعادات.

99.1 ألف متابع