الكتابة موهبة لا شك، وغالبًا ما يعاني الكاتب من عدم تدفق الأفكار باستمرار، ليترجمها لكتابات ترضي جمهوره، لكن هل كل ما يؤثر على الكاتب هو الموهبة وعليه انتظار الإلهام حتى تتدفق الأفكار إلي ذهنه أم أن الإبداع يحتاج إلى تحفيز؟
قاعدتي في هذا الأمر هي أنك لتكتب تحتاج إلى القراءة، وما يحفز عملية الكتابة ويحسنها هو الإستمرار والإكثار من القراءة، والقراءة هنا ليست حكرًا على قراءة الكتب، بل حتى المقالات والمحتوى وأي شيء يحتوي على كلمات.
أحب أيضًا ممارسة التمرينات الكتابية من حين إلى آخر، حتى أنه توجد صفحات أدبية في مواقع التواصل الإجتماعي تنشر مثل هذه التمرينات في منشوراتها وأحب أن أشارك فيها أحيانًا.
الممارسة هذه هي كلمة السر الحقيقية، فلو توقف الكاتب عن ممارسة الكتابة والقراءة سيتأثر بلا شك لأن الموهبة تحتاج إلى غذاء وغذائها هو الممارسة بكل تأكيد.
صحيح وهذه قاعدة تشمل كل شيء تقريبًا، حتى أنني منذ مدة عندما عدت لاستخدام الآلة الحاسبة لعمل عدة حسابات وجدت أنني فقدت الأريحية التي كنت أتعامل بها مع الآلة الحاسبة في أيام الدراسة حتى أنني كنت أخطئ في تسجيل العمليات والأرقام وكل ذلك بسبب إجازة امتدت لشهرين فقط لم أستخدمها بها مطلقًا!
حتى أنه توجد صفحات أدبية في مواقع التواصل الإجتماعي تنشر مثل هذه التمرينات في منشوراتها وأحب أن أشارك فيها أحيانًا.
فكرة ممتازة، لذا فنحن بحاجة للتدريب لنطور مهاراتنا، بمعنى ان نلزم انفسنا بممارسة الكتابة لمدة معينة يوميًا وفي وقت محدد، ولو كانت فترة قصيرة وأنتجنا قطعًا كتابية صغيرة، تدريجيًا نصل لمرحلة الاحتراف، ويمكننا الالتزام بمواعيد للنشر وتنفيذ المشروعات بانتظام.
ألحظ هذا في الأشخاص الذين مسيرتهم العملية هي الكتابة أو التأليف, ولكن أيضاً كغيرها من المهن باستثناء بعض الفروق مثلاً في المهن الروتينية كالقيادة أو النجارة أو الحرف اليدوية الأخرى يخرج فيها الإبداع من خلال التعود أو مايسمونه بالعامية (الحريف) وهو يخرج مهارات غير متوقعه نتيجة تعوده على الأمر مثل السائق الذي تظن أنه سيصطدم ولكنه يمر بسلام مثلاً, لكن في حيز الكتابة مثلها مثل التصميم والمونتاج مثلاً فيحتاج العقل أحياناً إلى راحة وتغيير في الروتين اليومي ليستمر إبداعه لأنها مهن تحتاج لأفكار جديدة باستمرار وليس مجرد مهارة وحرفية...
صدقت في هذه الملاحظة.
المهن الإبداعية لا يزيد التكرار، والجمود من حرفيتها وجودتها. على العكس، فهو يجلب تكرارا في الأفكار، وانغلاقا. يلعب التغيير والتنوع في الروتين دورا هاما في الاسترخاء، وإدخال عناصر جديدة، وتجارب جديدة تجلب الإبداع. فمهنتهم تعتمد على التجديد الذهني للحفاظ على الإبداع.
نعم هذا ما أقصده, فالمهن التقليدية لو تشابهت أعماله هذا لن يشكل ضرراً لأنه يسلمها لعملاء مختلفين ولا يعرف أي منهم الآخر إلا نادراً وسيقولون أن فلان عمله مبدع, أما الإبداعية تحتاج أن يكون كل عمل مختلف عن الآخر لأنه معروض للجميع سواسية
أكثر ما يغيظني في الكتّاب هو أن يقول لي أنني أعيش قفلة الكتابة writers block أي الانسداد الابداعي، هذا يغيظني جداً، هل نسمع عن نجار يعاني من انسداد ابداعي ؟ ألا يحتاج لنجار لابداع؟ هل نسمع رسام يقول عندي انسداد ابداعي؟ أكيد لا، يقول أنا لست بمزاج لأرسم، يعني يقول أنه السبب، لا الأفكار والإبداع والموهبة، يقول صراحة أنا لا ينقصني شيء وبذات الوقت لا أريد القيام بشيء، على عكس الكتّاب طبعاً في المنطقة العربية وبعض العالمية، تعلّموا من الدراما التلفزيونية والسينمائية أن هناك مسألة انسداد ابداعي ولحظات إلهام فصدقوها كما يصدّق الملاكم أن ألعاب الفنون القتالية هي ذاتها التي نراها بالأفلام.
في الحقيقة لم أكن أعلم شيئًا عن قفلة الكاتب حتى مررت بها فعلًا، وحتى عندما عايشتها لم أكن أعي حقًا ما الخطب، وأتذكر حينها أنني كنت ملتزمة بإنجاز بعض الأعمال الكتابية، وما فعلته أنني كنت أبدأ بطريقتي المعتادة في الكتابة، أقرأ المعلومات من المصادر التي جمعتها، أحاول أن أصيغ مقدمة فأستمر بكتابة كلمة ومحوها، وكأن رأسي خالٍ من أي فكرة، هل نسيت اللغة؟
أغلق الحاسوب وأعيد تكرار الأمر في اليوم التالي، وكلما كنت أُطالب بتسليم العمل كنت أطلب المزيد من الوقت ظنًّا مني أنه ربما أعاني من الإرهاق أو غيره، ليست مشكلة جادة يعني، ولكنني كنت أسوّف بلا جدوى.
تفطنت لاحقًا أن تلك الحالة كانت writer block، وأعتقد أن أي شخص يمكن أن يصل إلى تلك النقطة المسدودة لأي سبب من الأسباب، وغالبًا ما تكون أسباب نفسية أو إرهاق واستنزاف حاد، وبغضّ النظر عن المسمى، قفلة الكاتب أو احتراق أو غيره، أتفق معك في نقطة أن السبب ينبع من الإنسان نفسه، ولكن في النهاية الأفكار تختفي حقًا في تلك اللحظة!
إذا كان الكاتب يتخذ الكتابة كمهنة، فعليه أن ينتج أعمالًا بانتظام للوفاء بالتزاماته، بالنسبة لي أعتقد ان الكتابة كغيرها من المهن (مع وجود بعض الاختلافات) تحتاج لتدريب وتحفيز، فماذا برأيك قد يحفز الكاتب على الإنتاج المستمر؟
هذا الأمر يتوقف على نظرتي للكتابة يا ميادة، فلو كانت هواية فقط فهي تحتاج لإلهام وأنا لست مرغم على الإلتزام بها، أما لو كانت مهنة أو طريق أسعى به لتحقيق هدف أو إثبات ذاتي فأنا مجبر هنا بالمواظبة والإلتزام، وعن نفسي لا أؤمن بفكرة الإلهام فنحن لا نكتب الوحي هنا! ، الأمر كله يتعلق بالتركيز والعزم على الإنجاز، أن نركز ونتخيل وننتج ما نشعر أنه جيد حتى لو حرقنا ألف نسخة قبل النسخة التي يراها الجمهور، ولكن على الأقل كنا نحاول.
نحن هنا نناقش صناعة المحتوى بصفة عامة، لذا فغالبية من بالمجال يتخذ الكتابة كمهنة ولو كانت وظيفة جانبية، فإن كنا بحاجة لبعض التحفيز للإنتاج فماذا يمكننا ان نفعل لنستمر؟
الإلتزام والتحفيز بلا شك يساعداني على الكتابة بشكل أفضل، خاصة التحفيز الذاتي الداخلي عندما أشعر أن ما أقوم به هو شيء يستحق بذل الجهد للوصول إليه، وفي بعض الأحيان أيضًا يكون التحفيز الخارجي كالمكافآت أو زيادة الدخل من العوامل الهامة التي تشجعني على الاستمرار في إنجاز العمل بمستوى عالي من الجودة.
معك في هذا ولكن التحفيز الداخلي وحده يأتي وقت ويجف, ماذا إن لم يجد تحفيز خارجي فكيف يستمر !
ربما إن لم يكن هناك وظيفة تتعلق بالكتابة تضطره للعمل بانتظام، فيمكنه إلزام نفسه بنشر موضوعات او المشاركة بنقاشات مثلما يحدث هنا في حسوب I/O، أو كتابة مقالات على صفحات وسائل التواصل ولينكد إن، هنا يكون له حافز وهو توقعات الجمهور إن كان لكتاباته صدى، وتلقى تفاعلًا، بعض المنصات تتيح نشر روايات أدبية على صفحاتها لمن يهتمون بكتابة القصص والروايات، ويعد هذا تدريبًا أو تمرينًا جيدًا برأيي.
صحيح، فكونك تعرف ان هناك جمهور يتقبل ما تكتبه ويتفاعل معه يعد نوعًا من التحفيز للاستمرار في الكتابة أو تقديم المحتوى، سواء كانوا جمهورًا او زملاء بالعمل يبدون آراءهم ويناقشون ما تكتبه.
الالهام ليس زائراً عزيز النفس كما يظن البعض بل هو رفيق وملاصق عندما يتم تحفيزه، فرما نمون في خضم إنجاز شؤون يومية روتينية ويمر أمامنا بيت شعر أو فكرة وتكون كافية جداً لفيض من الأفكار والابداع، ولكن بدون تحفيز بلطبع سيستمر بانجاز شؤونه الروتينية ولن يكتب..
الأمر يحتاج رغبة حقيقية وتحفيز بسيط فقط.
يأتي فيض الأفكار والإبداع من الحصيلة التي نملكها بالفعل إن كنا مواظبين على القراءة والإطلاع باستمرار، وتتحسن جودة أفكارنا كلما مارسنا الكتابة وعملنا على معالجة الأفكار للخروج بمقال جيد أو رواية ممتعة، او بعض القصاصات الورقية التي نستعين بها لاحقًا.
الموهبة إن وجدت فسيكون كاتب عظيم كمن يملك بذرة لشجرة تفاح مثلاً ولكن هذه البذرة إن لم يتم بذرها وسقيها يوماً بعد يوم لن تنمو ولن نحصل منها على تفاح أو منتجات مكتوبة.
بالنسبة للكتابات التسويقية التي لها هدف ربحي بحت فلا أرى أنها تحتاج إلى إلهام، ولكن بحث ومهارة وموهبة فقط، أما الكتابة الأدبية أو الفنية فأظن أنها بحاجة لإلهام، ولكن هنا لا يجب أن أرضى مثلاً بالتوقف عن الكتابة لمدة طويلة بحجة عدم وجود الإلهام، فهو ليس العامل الوحيد من وجهة نظري، فتنوع القراءة مصدر أفكار والتدريب على الكتابة مصدر أيضاً، وكذلك الحال بالنسبة للممارسة، أما التوقف التام بهذه الحجة فأنا لا أقتنع به نهائياً، وهناك قاعدة قالها لي دكتور جامعي نجحت معي في هذا الأمر" إذا لم تجد الفكرة لكي تكتب فاكتب حتى تأتي الفكرة"، فما هو رأيك بهذه القاعدة ؟
إذا لم تجد الفكرة لكي تكتب فاكتب حتى تأتي الفكرة"
أعجبتني، الكثير من الكتاب والأدباء كانو ملزمين بالنشر أسبوعيًا أو شهريًا، لا اعتقد انهم كانوا ينتظرون الإلهام بل كانوا يبحثون عنه ويحفزون أنفسهم للكتابة للالتزام بمواعيدهم مع الجمهور، وكذلك للحصول على أجورهم أو أرباحهم من دور النشر.
بالتأكيد، الكتابة موهبة، ولكن الإبداع لا يعتمد فقط على الإلهام العفوي. هناك العديد من الطرق التي يمكن للكاتب من خلالها تحفيز أفكاره وتدفقها بشكل مستمر. إليك بعض النصائح التي قد تساعدك:
1. **القراءة المستمرة**: القراءة تغذي العقل وتفتح آفاقًا جديدة. قراءة كتب متنوعة في مجالات مختلفة يمكن أن تلهمك بأفكار جديدة.
2. **التجارب الشخصية**: استمداد الأفكار من تجاربك الشخصية أو من قصص الآخرين يمكن أن يكون مصدرًا غنيًا للإلهام.
3. **الروتين اليومي**: تخصيص وقت محدد للكتابة يوميًا يمكن أن يساعد في تحفيز العقل على الإبداع بشكل منتظم.
4. **التفاعل مع الآخرين**: النقاشات والمحادثات مع الآخرين يمكن أن تفتح لك آفاقًا جديدة وتلهمك بأفكار لم تكن لتخطر ببالك.
5. **الاسترخاء والتأمل**: أحيانًا يكون الابتعاد عن الكتابة لفترة قصيرة والاسترخاء أو التأمل وسيلة فعالة لتجديد الأفكار.
هل هناك طرق معينة تجدها مفيدة لتحفيز إبداعك؟
التعليقات