دائما ما ننظر إلى أولئك أصحاب الإنتاج الكتابي الغزير، بغضّ النظر عن نوعه، ونتسائل دائما عن السرّ وراء ذلك، يا ترى ما هي خلطتهم السحرية؟ كيف يختلطون مع الكتابة ويتجانسون بهذا السحر؟
لكن قبل أن نتعرّف على أسرارهم، دعني أسألك بعض الأسئلة:
هل سبق لك أن اندمجت مع مهمة ما، ونسيت كل ما حولك وكأنك أصبحت واحدًا مع عملك؟
وهل سبق أن نسيت الوقت وانهمكت في الكتابة مثلا وحين انتبهت للوقت وجدت أنك قضيت ساعات في ذلك؟
لا شك أنك عشت شيئا كهذا من قبل، وشعرت بالتناغم بين عقلك وحواسك…
والآن دعني أخبرك أنها حالة ذهنية تدعى حالة التدفق Flow state.
اشتهرت هذه الحالة من قبل عالم النفس الإيجابي مارتن سليجمان الذي أدخلها رسميا في مسار علم النفس الأكاديمي سنة 1998، لكنها تعود في حقيقتها لعالم النفس "ميهالي تشيكسينتميهاي" بأنّها حالة من التركيز الشديد الذي يؤدي إلى النشوة والشعور بالوضوح والتناغم وقد وصفها ب "سرّ السعادة".
بعد أن عرفنا هذه الحالة بقي علينا فقط أن نعرف متى وكيف ندخل هذه الحالة الخرافية التي تجعلنا نكتب ويتدفق ابداعنا معها بجهد أقل ومتعة أكبر.
يحضرني قول ارنست همنجواي:
"ليست الكتابة بالأمر الصعب؛ ما عليك سوى أن تجلس أمام الآلة الكاتبة وتبدأ بالنزيف"
هل كان يقصد هذه الحالة؟ أم أنه يقصد شيئا آخر، ما رأيكم أنتم؟
تبدو كلمة نزيف عميقة وكبيرة وتبدو أبعد من حالة التدفق، لكنني أعتقد أنها نفس الحالة التي تعترينا في حضرة البياض الذي ما يلبث أن يتلطخ بحبر أفكارنا ومشاعرنا المتناقضة والمتضاربة، بغضّ النظر عن لونها ورائحتها.
هل وجدتم تلك الحالة الخرافية التي تنسكب فيها حروفك على الورق كالشلال العذب؟ أم مازلتم تحاولون فعل ذلك؟
حدثوني عن تجاربكم مع التدفق في كل جوانب حياتكم وليس بالضرورة الكتابة؟
التعليقات