فأنا أشعر أني بصمتي منحوتة فنية خالدة، منحوتة حملت كل لمسة فيها حياة، حياة بكل تقاسيمها، عندما نسمع لحنا يعيد لنا فترة كانت مليئة بالقوة والاندفاع والأمل والعمر فيها مازال غضا، رغم ما كان فيها من صعوبات كنا نظنها أنها لن تنتهي ولن تمر ولكنها مرت وتركت فينا حنينا وكلما تقدمنا في العمر زاد الحنين والخوف من النسيان، لماذا تظل تجيء ذكرى الحنين رغم تظاهرنا بالنسيان نسيان صمت يخلدنا في ذاكرة ما، الحنين لصورة كنت دائما أحملها في ذهني عندما أضع رأسي على الوسادة يتسرب إحساسا ذوبان في بحيرة ماء ذوبان حتى الغرق وعند آخر نفس أرفع رأسي مثل ملكة يونانية تشهق شهقة الحياة، فأفتح عيناي واتنفس وكأنها المرة الأولى التي أتنفس فيها، مرت السنوات واختفت تلك الصورة، وانسابت صورة أخرى إمرأة تتأمل بصمت ذلك الأفق، بين الواقع والخيال حد العقل الفاصل الذي يقطعه غمضة عين، الغريب أنني أصبحت أتجنب الثرثرة والحديث الطويل أصبح يتعبني، وحبل أفكاري ينقطع بسرعة حتى عندما أكتب ينقطع نفسي بسرعة ولا أكمل سطرا، لقد فقد الكلام بالنسبة لي قيمته، المشكلة أنني بدأت أمل حتى من الاستماع وتكرار الأحاديث، ماذا يعني ذلك هل بدأت أتوحد وأهيء نفسي أن جميعهم سيملون مني ويذهبون عني؟! أخاف الوحدة وقد عشتها في فترة ما من حياتي وأعرف ويلاتها وعقباتها، سأدافع بكل قوتي حتى لا أعود إليها مجددا، سأردد  لحنا قديما أحبه لأحمد منيب :

الليلة الليلة ياسمرا ياسمارا الليلة ياسمرا الليل يصبح ويمسي وتفكريني وتنسي شميت هواكي لقيت نفسي ياطيبة وصبرا الليلة الليلة ياسمرا ياسمارا الليلة ياسمرا  

مقطع من رواية قيد الانشاء