لقد تطرّقتُ في مساهمة سابقة كيف أنّ الكاتب يعيش بشخصية مزدوجة ولا يسمى ذلك انفصامًا وإنّما الكاتب بحاجة إلى تلك الشخصية المتناقضة ليؤدي دوره بعناية وإبداع.

لكن اليوم الأمر أوسع من ذلك كما هو واضح في العنوان، وهو هل يمرض الكاتب نفسيًا ؟

لكن دعونا لا ننسى أنّ الكاتب في النهاية إنسان ولديه مشاعر وأحاسيس حتى أنّها قد تكون أعمق مقارنة بغيره.

والسؤال المطروح هنا هو كيف تؤثر الكتابة على نفسية الكاتب وعلى حياته بشكل عام؟

وفي هذا الصدد يقول عالم النّفس جوردن بيترسون: 

في إحدى مقابلاته أنّ الكتابة والتفكير هما نفس الشيء، وأنّ التفكير يتيح لك الانتصار في المعارك التي تخوضها، وتلك المعارك ذاتُ غايات نبيلة.

فإن تمكنتَ من التفكير والحديث والكتابة، فإنكَ بالأساس سلاحٌ مُميت!

أي أنّه يكفيك أن تكون تجيد الكتابة ولن يوقفك شيء، فهل تتفقون معه؟ وهل تعتقدون أنّ الكتابة كافية؟ أم أنّ المشكلة تكمن في تعلمها واحترافها؟

ويقول أيضا توماس اديسون:

 "القراءة تصنع الرجل المستعد، والكتابة تصنع الرجل الدقيق".

وهذه إشارة أخرى إلى أنّ الكتابة تهذّب الفكر وترتب الأفكار وتهدّئها وتجعل صاحبها دقيقا في جميع ما يفعل.

بعد أن عرفنا كل هذه الفوائد عن الكتابة بقي أمر آخر وهو لماذا نكتب؟

تختلف أهداف الكتابة من شخص إلى آخر، الطالب يكتب ليحصّل علامات، والآخر يكتب ليفرغ ما يعتمل في صدره وذاك يكتب الأفكار التي تتناطح كالثيران في عقله، وتلك تكتب يومياتها المكتظة حتى لا تصاب بالجنون.

لو عدت إلى سؤال المساهمة، فحقيقًة لا أعتقد أن الكاتب يمرض نفسيًا لأن الكتابة تشفيه، وتحييه وتنجيه من آلامه وهواجسه. ربما هناك من له رأي آخر!