كثيرًا ما نجد أن هناك سببًا ما للربط بين قدرة الإنسان على الإبداع، ووصمه المجتمعي بالجنون، وربما أشهر من تعرض لهذا النوع من الوصم هم الفلاسفة.

ولكن من أعنيه هنا ليس الفلاسفة بل أولئك الكتاب الذين وقعوا ضحية للاضطرابات العقلية نتيجة لساعات طويلة من الإبحار في عمق الخيال، وتأليف القصص، والروايات، وكأنها ضريبة لإبداعهم المتفرد.

وخير دليل على هذه الحالة هي الكاتبة فرچينيا وولف. إذ أصيبت بالاضطراب العقلي في سن صغيرة جراء مرورها بالكثير من تجارب الخسارة، والفقدان، حتى أن الأمر لم يكن هينّا فيما بعد، فكتاباتها لم تخفف حدة الأمر؛ بل زادته تعقيدًا، فكان مصيرها الانتحار بعدما تيقنت من صعوبة حالتها، وإصابتها بالهلاوس السمعية.

وهناك أيضًا الكاتب الحائز على نوبل آرنست همونغواي الذي آثر الانتحار على الاستسلام للجنون بعد تشخيصه بالاضطراب العقلي، وخضوعه للجلسات الكهربائية، والتي سببت له نسيان جزئي لذكرياته، وتعود إصابة آرنست بالاضطراب العقلي إلى تاريخ عائلته المرضي الذي شهد على الكثير من حالات الانتحار.

ذكرتُ هؤلاء الكتاب على سبيل المثال لا الحصر؛ لكن القائمة تطول، وقد تكثر معها الدلالات الواضحة على وجود علاقة بين الاضطراب العقلي للكاتب، ونبوغه الإبداعي كما يرى العلم. ولا أستبعد أيضا وجود مبدعين آخرين مصابين باضطراب عقلي لم يفصحوا بعد.

أما عن رأيي في هذا الطرح، فأرى أن قدرة الكاتب على الإبداع لا يمكن قياسها دائما بإصابته بأحد الاضطرابات العقلية، فربما هو من الأساس يطلق لخياله العنان، ويبحث عن أفكاره خارج الصندوق دون الحاجة لأن يكون مصابًا بالاضطراب العقلي.

وأنت ما رأيك، هل الإبداع الفكري للكاتب علامة على اضطرابه العقلي؟