نسمَع كثيراً عن عجز الكُتّاب أحياناً عن مواصلة الكتابة، يُسمّون هذا العجز عن الإتيان بأفكار أصيلة أو نصوص جيّدة اسم شهير اسمه writer block أو الانسداد الإبداعي وقد أشّر عليه الكثير من الكُتّاب فعلاً على أنّهم يُعانون منه الآن، حتى المُخرجة Jane Campion بواحد من أفلامها الرائعة bright star جعلت الشخصية الرئيسية وهو الشاعر جون كيتس يجلس في غُرفة وحده صامتاً يتأمّل مُنتظراً وحياً يفتح لهُ هذا الانسداد ويعينه على استكمال دربه الطويل. 

هل هذا كُلّه وجُل ما نسمعه عن هذه القضيّة لهُ أساس من الصحّة؟ برأيي وقد يبدو رأيي غريباً نوعاً ما: لا. لا وببساطة لأسباب كثيرة سأذكر منها التالي: 

  • للأسف نحنُ ما زلنا لا نستطيع الخوض بعمق في أسّ هذه القضية وجوهرها لنعرف الأسباب الكامنة وراء هذه القفلة عن الكتابة، فمُعظمنا يظنّ أنّ الكتابة تحتاج إلى الإلهام، وهذا غير صحيح بالمرّة وقد تكون هذه الكلمة واحدة من أكثر الكلمات ابتذالاً في الثقافة الشرقيّة، لأضرب لكَ مثالاً لماذا لا نحتاج الإلهام للكتابة، حين تحكي قصّة لصديقك عادةً ما الذي تحتاجه؟ خبرة أو رؤية في محيط صار فيه حدث ما + أدوات للحَكي والروي أي صوتك + قُدرة على رَوي القصّة باقتضاب غير مُخلّ وتفصيل غير مُمل + البارع منّا قد يُضيف إلى حكاياه قدرة تعبيرية في اختيار الكلمات ورؤية الحدث من عيون مختلفة = قصّة كاملة. 

أين الإلهام فيما سبق؟ لا مكان لهُ، إذاً ما الذي يجعلنا نُطالب بإلهام حين كتابة القصّة؟!

  • أحياناً ما نُسمّيه قفلة الكاتب أو معاناة بسبب انسداد إبداعي قد يكون لهُ اسم آخر يدل على الحاصل فعلاً، مثل مثلاً الخوف من الفشل ودمار النصّ، الشخص الذي يؤمن أن بيته قد يتهدّم بأي لحظة لن يتجرأ على الاستثمار والبناء أو رُبما خوف من النَقد.
  • الاكتئاب قد يكون سبباً مُباشراً للأمر، فالاكتئاب متطرّف مع الكُتّاب، هو إمّا قد يجعلهم يكتبون بإفراط أو لا يكتبون نهائياً. 

لا أومن بهذه الأسباب وغيرها بوجود موضوع حقيقي بالحياة اسمه انسداد إبداعي، وأنت ما الذي تؤمن به في هذه المسألة وهل لك تجارب سابقة مع الأمر أو نقيضه؟