لأكون صريحة واضحة، كمختصة في الفلسفة، لا أميل إلى الاقتناع بفكرة العلاج بالفلسفة، وقد عجبت فعلا ممن يدعون إليها، لاسيما وأني وجدت عيادات حقيقة في بعض البلاد الشرقية تفعل هذا حقاً، وما رأيته إلا نوعا من الاستغلال، للأمانة العلمية، ومع أن أعلاماً من الباحثين المرموقين في الفلسفة اليوم، يؤمنون بفكرة العلاج بالفلسفة، منهم سعيد ناشيد صاحب كتاب بنفس العنوان" التداوي بالفلسفة"،يرون أن الفلسفة شفاءوعلاج، مع ذلك مازلت أراها فكرة مثالية لا غير.

إلى أن قرأت كتب إبكتيتوس بعمق، لأجد الرجل فعلا يدعوا للعلاج بالفلسفة صراحة! وهنا وفقت مجددا للتفكير، ماذا يُقصد بالعلاج بالفلسفة هذا؟

في النهاية اتضح لي من رأي ابكتيتوس أن الفلسفة بمقدورها أن تقدم الحكمة كبلسم شافي لجروح الحياة، من حيث تعطينا المفاهيم والمعاني الحقيقة للحياة وتقلص مساحة الألم في حياتنا، فللرجل عبارة أحبها، يقول فيما معناها ؛ أن من يعرف قليلا من الفلسفة يشقى، ومن يعرف كثيرا منها يهنأ، وأن الحكمة التي تقدمها الفلسفة هي السبيل للخلاص من شرور الحياة والطريقة الوحيدة للعيش على وفاق مع قوانين الحياة دون الصدام معها، لأن كل الألم والمعاناة إنما سببه الأول هو هذا الصدام وعدم التوافق مع الطبيعة.