في كل الأماكن تقريبا، تتردد الجملة نفسها على ألسنة الشباب: "الغربة هي الحل."

كلمة تُقال وكأنها مفتاح سحري يفتح أبواب المجد، ويقلب الحال بين ليلة وضحاها.

يتخيلون دول الغرب جنة بلا شوك، حيث الفرص مفتوحة على مصاريعها، والطرق مرصوفة بالذهب، وأنك ما إن تطأ أرضًا جديدة حتى تتبدد مشاكلك. لكن ما لا يرونه في الصور البراقة، هو أن من حمل داخله نفس العقلية الكسولة، ونفس العادات المتهالكة، ونفس الأعذار الجاهزة، سيعيد المشهد ذاته في الغربة، لكن بخلفية مختلفة ولغة أخرى.

أحسب أن غالب الشباب لا يطلب السفر طلب الباحث عن فرص أكبر، بل طلب الهارب من مواجهة نفسه، والكسلان عن مواجهة الواقع. والسفر — مهما غلّفه الخيال بالوعود — لا يخلق إرادة، ولا يزرع انضباطًا، ومن لم يبنِ ذاته في وطنه، سيفشل هناك ولو كانت الفرص أوسع وأرحب.

كم من شاب عاد من غربته محمّلًا بالخيبة، لأنه اكتشف أن المشكلة لم تكن في الحدود الجغرافية، بل في القيود التي كبّل بها فكره وروحه. وكم من آخر بقي في بلده، لكنه كسر تلك القيود، فبلغ ما لم يبلغه كثير من المهاجرين.