من أجل أن أكمل هذه السلسلة، حاولت أن أنشر حول عقلية النمو التي ذكرتها سابقا، لكن تذكرت أنه يجب أن أتحدث عن مسألة هامة، وهي أولا فهم أنفسنا، فالفهم سيلخص عليك الكثير من الأمور..

بداية..

أجل، وكما قلنا سابقا، الجميع يرغب التغيير، لكن فهم آلية ذلك صعب وللغاية، ومن أجل هذا الفهم، يجب أن نفهم مجددا الدوبامين، أجل.. الذي ذكرناه سابقا في مساهمة "صوم الدوبامين، والعيش البطيء"

أولا، الدوبامين، هو هرمون التحفيز للقيام بشيء، لأجل الحصول على مكافأة ببساطة هو حين تكون جالسا، يكون هاتفك بعيدا عنك، تسمع رنة إشعار رسالة، هناك يفرز الدوبامين كمحفز لفعل "النهوض" لأجل المكافأة "معرفة الرسالة"..

تشعر بالفضول والرغبة الملحة لمعرفة من أرسل؟ وماذا قال لك؟

ذلك ليس فضول كما نفسره، بل هو إفراز الدوبامين، وما إن ترى الرسالة، حتى تشعر بهبوط في الفضول، أي الدوبامين..

هنا والآن، المسألة: كيف نستغل الدوبامين من أجل التغيير، وبالتالي النجاح؟

يجب أن نفهم أن الدوبامين يفرز عبر طريقتين: الاولى الاستهلاك، والثانية الإنتاج

الاستهلاك وهي الطريقة الشائعة التي نستخدمها نحن، وهي حين تستهلك فيلما، أكلا، اللعب، اي أمر ترفيهي لأجل أن تحصل على الدوبامين، أي أن الفيلم الكوميدي هو الفعل الاستهلاكي، وأنت تقوم بهذا العمل ويفرز الدوبامين، وحينها تحصل على المكافأة، وهي الضحك والترفيه وتغيير الجو، يسمى الشخص الذي يقوم بهذه الطريقة "مدمن" وسطر على الكلمة جيدا

أما الإنتاج هي أكثر طريقة يعتمدها الناجحون لأجل أن يصلوا لأعمالهم وإنجازاتهم، تعمد هذه الطريقة بالقيام بالعمل بالإنتاج، لاجل الحصول على المكافأة هي نهاية العمل، تماما حين يجلس الرسام ويفرز له الدوبامين لأجل أن يرسم لوحة لمدة 16 ساعة متتالية، طوال تلك المدة دون تعب ولا كلل ولا ملل يظل الدوبامين مرتفعا، إلى حين انتهاء اللوحة، وحينها يصل للمكافأة بنهاية العمل، وتماما كالطباخ الذي يعكف على أكلة لساعتين من التحضير، والمكافاة هي أكلة ذات شكل شهي..

يسمى الشخص الذي يعتمد طريقة إفراز الدوبامين عبر الإنتاج ب"المنجز" ومجددا سطر على كلمة منجز.

وبالتالي رجوعا إليك، ها أنت فهمت نفسك جيدا كي تتغير، وبالتالي نعود مجددا إلى صوم الدوبامين الاستهلاكي، لأجل الوصول للدوبامين الإنتاجي..

أي أقفل على كل مصادر الاستهلاك، وحول نفسك من مدمن إلى منجز، قد تجد نفسك تقرأ كتابا، تطوي ملابس، تنظف الزجاج، بالرغم أنك كنت قبل أسبوع تكاد تجزم أنك لن تقوم أبدا بهذه الأعمال، لكن حين تجبر نفسك قسرا على تجنب الدوبامين الاستهلاكي، تصبح منجزا، تقوم بكل الأمور المتراكمة، وتلقائيا يبدأ دوبامين بزيادة مع كل إنتاج وإنجاز تقوم به، قد تجد نفسك أكملت كتابا من 50 صفحة في جلسة واحدة، وقمت بإنجاز تمارينك، قمت بالمشي...

أكثر من هذا..

هناك من وجد شغفاَ لم يكن يعرف أنه مراده وهدفه في هذه الحياة، عبر إفراز الدوبامين الإنتاجي، فتجربة الكثير من الأمور جعلت منه يعرف ما يرغب به، نفس الأمر حين عرفت أني أرغب بالكتابة، واحبها، وحولتها الآن لمصدر رزق..

حاول فهم نفسك، اضغط على نفسك، اقسو عليها فلا أحد سينقذك، وبعدها تمتع بكونك شخصا ملهما و... عظيما

يتبع...