الإعتدال أم الإمتناع، كيف نتصرف مع العلاقات والعادات الضارة؟!

فمن يُدمنون وسائل التواصل الإجتماعي أو تدخين السجائر مثلا، غالبا لا يقدرون على الإعتدال أو ضبط إستخدامهم لها..

بما انك اشرت لهذا المثال، فسوف انقل تجربتي في البداية، لا يمكنم ان تتخيلي يا اماني كم كنت مدمنة على استخدام وسائل التواصل الاجتناعي بشكل رهيب جدا، جربت كل طرق الامتناع ولم انجح فيها، حدفت حسابي، سمحت لصديقة اخذ حسابي وتغيير كلمة السر فيه، خصصت وقتا للمتابعة، لم ينجح الامر سوف انني ادمنت اكثر وأكثر.

حتى الاعتدال عن الاستخدام ليس حل بالمرة، والامر يرتبط بطبيعة هذا الشئ طبعا، ولكن في حالة وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن الاعتدال في متابعتها اما ينخفض الاهتمام بمرور الأيام او ينخفض، لذلك الحل هو ان يشغل الفرد نفسه بأشياء مهمة لا تترك له الفرصة حتى في التفكير في الامتناع او الاعتدال، لتصبح متابعة لمنصات التواصل الاجتماعي أخر اهتماماته، انا اليوم لا املك انستغرام، حذفته منذ قرابة 10 اشهر، لم انتبه للوقت، ولكن حتى عندما انقطعت عن المتابعة لهذه المنصات لم اشعر بالفراغ الروحي لان هناك بدائل ومنصات مهمة نناقش فيها المواضيع التي تهمنا مثل حسوب مثلا.

أعتقد أن الإمتناع عن بعض العادات أو العلاقات الضارة يمكن أن يكون حلا ناجحا في بعض الحالات، خاصة إذا كانت تلك العادات أو العلاقات تسبب ضررا كبيرا للصحة أو السعادة أو الإنتاجية.

فمثلا، إذا كان شخص مدمن على التدخين، فقد يكون من الصعب جدا عليه أن يقلل من استهلاكه بشكل تدريجي، وقد يفضل أن يمتنع تماما عن التدخين لأجل صحته وماله وبيئته.

ولكن إذا كان شخص يستخدم وسائل التواصل الإجتماعي بشكل مفرط، فقد لا يكون من المنطقي أو الممكن أن يمتنع تماما عن استخدامها، فهي تحمل فوائد كثيرة في التواصل والتعلم والتسلية.

ولذلك، فأظن أن الإجابة على سؤالك تعتمد على نوعية العادة أو العلاقة التي نريد التغلب عليها، وعلى درجة ضررها، وعلى قدرتنا على التحكم فيها.

وأظن أيضا أن هذه المسألة تحتاج إلى تجربة وتقييم مستمر، فقد نستطيع بالفعل الإمتناع عن شيء مضر في بادئ الأمر، ولكن قد نشعر بالانكسار أو الإحباط في مرحلة ما، وقد نحتاج إلى إيجاد بديل صحي أو مفيد.

من وجهة نظري هناك عدد من الامور التي يجب اتباعها للخروج من أي علاقة سامة ومنها أن نستمع للنصح من خلال الحديث مع شخص مقرب موثوق فيه، ستكون تلك فرصة لتوضيح حجم المشكلة والمشاعر بداخلك التي تضخمت بشكل أكبر من الطبيعي، ويكون النصح هنا لمساعدتك لترتيب أفكارك بشكل جيد والتخلص تدريجًا من وهم التعلق المرضي بالشخص غير المناسب.

وأيضا أن نكتب ما بداخلنا من مشاعر سلبية كانت أو إيجابية، هذا سيساعدك على استيعاب حجم المشكلة بشكل أوضح وبالتالي تفريغ الطاقة السلبية وتقليل التعلق المرضي تدريجيًا.

وألا نستسلم للفراغا وذلك لان الفراغ هو عدو الإنسان الأول، ولتخطي العلاقات السامة من المهم أن تكون لك أهدافك الخاصة وتحقق نجاحات ملموسة في حياتك بعيدًا عن الجانب العاطفي، هذا بدوره يحررك من قيود العلاقات السامة.

وألا نفقد الأمل في مستقبل أفضل ومن المؤكد أن هناك شريك حياة مناسب لك، لكن لم يحن لقاؤه بعد، وأن تلك العلاقة السامة يجب أن تنتهي بالانفصال تمهد للقاء الشريك المناسب الذي سيسبب سعادتك

الامتناع أسهل من الاعتدال .. رأي سديد ومجرب، لكن بداخل الإنسان طاقة خلاقة تمكنه من تنفيذ الخيار الذي يريد، غير أن ما يتسرب إلى داخلنا من عوامل الوهن والضعف جراء التربيةوالمحيط والنشأة هو ما يضعنا على حافة الاخفاق أثناء المرور بهذين الاختبارين . إن الاعتدال هو محاولة للوقوف على خط متوازن، وهذا يتطلب جهدا وعونا ووقتا وإخفاقا ونجاحا ومتابعة... الاعتدال ليته يكون البلسم الذي تتنسمه النفوس منذ نعومة أظفارنا، وهذا لعمري عامل قوي من عوامل نجاحنا في اعتماده خيارا متى شئنا ومتى كنا في حاجة ماسة له.

لا يوجد عادات ضارة في الحياة نهائياً، هذا ما اكتشفته مؤخراً في حياتي، أنّ الإنسان لا يمكن أن يتبنّى أي شيء يضرّه ولا يمكن أن يوجد أي شيء في الحياة يمكن أن يضرّه، كيف ذلك؟ لنفترض مثلاً أنّ التدخين كان بسيجارة واثنتين يومياً، هل هذه عادة مضرّة؟ قد تسمى ذلك ولكن في الحقيقة لن تؤثّر، دفقة بسيطة للرئة يمكن أن نعتبرها دفقة عبر شارع مزدحم بالسيارات وانبعاثاتها.

شرب مثلاً بعض الكحول أو القهوة أو الشاي أو الأكل السريع أو أي شيء آخر، كل هذه الأمور ليست مضرّة، نهائياً، إذا كانت بشكل معتدل، مثلاً حتى نتفلكس والتلفزيون عموماً، يقول جيم رون المتحدّث باسم التطوير المالي للشركات، متحدّث أمريكي شهير، يقول أنا أستغرب من يدفعون من أوقاتهم يومياً 5 ساعات للتلفزيون، هذا يعادل 12 ألف دولار بالسنة، هل ستدفع 12 ألف مقابل مشاهدة التلفاز! يجيب جيم رون نفسه: أدفع بعضة دولارات، أي يقصد من وقته، نصف ساعة مثلاً كل يومين أو هكذا، لن أدفع كل هذه المبالغ، يجب أن أعتدل في كل شيء

ولذلك أنا مع ثقافة الاعتدال أعتبرها حلاً، أما الامتناع تطرّفاً.

أعتقد أنّ الامتناع ليس حلَّا جذريّا إذ أنّ غالب الذين امتنعوا نهائيّا عن التدخين عادوا لها بعد مدّة وكذلك بالنسبة لباقي العادات غير الصحيّة. لذلك فأنا أعتقد أنّ الحل يكمن في الاعتدال والذي إن وصل إلى الانقطاع يكون ممتازًا. وأمّا الانقطاع المفاجئ فهذا أمر غير صحّي إذ أنّه يكون متبوعًا بعودة للسلوك السابق وبشكل أكثر إدمانًا. وقد جرّبت هذا الأمر منذ عدّة سنوات حينما كنت أتّبع حمية غذائية قائمة على الحرمان حيث لا ألبث أن أتناول الممنوعات (مثل الشوكولا) بشكل أكبر من السابق. وهنا أعتقد أنّ التمكين هو الحل وأقصد به التمكين الذي نحصل عليه ممّن يعملون بهذا المجال من أجل القدرة على اتخاذ القرارات الأكثر ملائمة لنا مع حساب الأضرار والفوائد. والأهم من ذلك أن نعطي الشق التنفيذي دورًا أساسيّا من أجل تنفيذ القرارات التي نتخذّها التي قد تكون من خلال الاعتدال وهنا أستذكر المثال الذي يقول" كل ممنوع مرغوب".

أعتقد أن الحل يكمن في مزيج من الامتناع والاعتدال تمتنع عن ممارستها في أوقات معينة وتعتدل في استخدامها في وقت آخر

وقد ممرت أنا في تجربة شخصية مع أدمان مواقع التواصل الاجتماعي أفضل أن اشاركها معكم مررت بفترة امتحانات تمتد لاكثر من شهر وكان عندي أدمان شديد على مواقع التواصل الاجتماعي واذا بقيت على هذا الحال لن ادرس صفحة خلال اليوم لذلك قطعت أي وسيلة اتصال بالانترنت وقد كنت اخصص ساعة واحدة خلال اليوم لتفقد ما هو ضروري فقط واحتاج الذهاب إلى مكان آخر للحصول على هذه الساعة في نهاية شهر تقريبا كنت أشعر بالضجر عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي