يقال إذا كنت تريد أن تتقن الحديث بلغة معينة فالسر يكمن في مشاهدة الافلام والمسلسلات الدرامية.
لكن إذا اراد الشخص أن يطور نظرته للامور وتحليله، فهل السر يكمن أيضا في مشاهدتها؟
وهل هناك أفلام أو مسلسلات كانت عاملا في تطوير تفكيرك؟ أذكر من بينها؟
لا نستطيع القول أن وظيفة الأفلام والمسلسلات أن تطور التفكير، لكن وظيفة الفن بالعموم تحاكي الإنسان ووجدانه، ولذا فإن المسلسلات والأفلام تحاكي وجداننا وإنسانيتنا بشكل أو بآخر ، من الأفلام التي غيرت وجهة نظري بالمرضى النفسيين كان فيلم a beautiful mind كنت صغيرة مقارنة بالآن وقد ساهم في تفتحي و قراءتي بالأمراض المختلفة ، وقد كونت إدراك خاص بي، يمنحني الطمأنينة في حال أصبت بأي اضطراب نفسي
تقريبا لو تلاحظين يا زينة بأن أكثر الافلام التي ترسخ في ذهن المشاهد هي من تحاكي وجدانه او بالاحرى العاطفية التي يلمس عبرها مواقفا وشخصيات لو كان حقيقة موجودين لاختارهم ان يصبحوا اصدقائهم.
لكن من ناحية اخرى قد نجد بأن بعضها قد يغير طريقة تفكيرنا للامور، خصوصا من ناحية المواضيع المجتمعية.
هذا ممكن أن ينطبق على شخص مبتدىء غض لا يملك سجل من التجارب والرحلات الحياتية، فمع كل عمل فني يشاهده تتغير مبادئه -إذ أن المبادئ تتورث كالجينات الوراثية- وممكن أن تترسخ أكثر، وهذا يعتمد على مدى قوة العمل الذي يتابعه.. بالنسبة لي وبعد سجل يصل إلى آلاف الأفلام والعديد من المسلسلات بمختلف اللغات فنظرتي للأمور تتغير بكل مشهد يعرض، أتذكر نفسي القديمة منذ أن كنت لا أشاهد سوى أفلام ديزني وكوكب زمردة وأقارنها الآن بعد عشر سنوات -بالطبع مع تجارب حياتية معدومة نظراً لميولي للعزلة نوعاً ما- من مشاهدة أفلام الحركة والوثائقية والسير الذاتية والحروب...
لقد تغير الكثير وتوسعت مداركي فأصبحت نظرتي واقعية نقدية تحلل أصغر التفاصيل، أصبحت لا أتفاجأ بحدوث العجائب، أصبحت أتيقن بأن لغة جسد هذا تدل على كذا وذاك تدل على كذا.. بأن هذا ممكن أن يكون مصدره عقدة نفسية ما... أصبحت أتنبأ ردود أفعال الغير... شاهدت أقسى المشاهد التي غيرت نظرتي البريئة لأرى الحياة من بعد أخر ... أصبحت أتفهم ما وراء كل فعل... أتفادى أخطاء ارتكبها أبطال الأفلام لأنني أعي ما عاقبة ذلك الخطأ وما يليه من تعقيدات... ناهيك عن كم المعلومات الرهيبة التي لم أكن أعرفها واللغات التي أتقنتها والثقافات التي تعرفت عليها من خلال السينما والمسلسلات... فبإعتقادي الأعمال الفنية مهما كانت بسيطة ومهما كان تقييمها سيء إلا أنها تحمل الكثير من الرسائل لك أنت...
لغة الحديث وتطوير النظر للأمور لا يمكن تعلمها من الأفلام والمسلسلات ؛ وإنما من خلال المطالعة وقراءة الكتب والمواقع المفيدة والإختلاط بالناس والتجارب الحياتية التي يمر بها الإنسان.
أما موضوع الأفلام والمسلسلات فأن غالبيتها لها دور وتأثير سلبي في سلوك الأشخاص ، وذلك لأن الإنسان يحب التشبه والتقمص بأي شخصية بغض النظر عن سلوكها العدواني أو الإنساني، لذلك نجد الأطفال دائما يحاولون تقليد الكبار وتقمص الشخصيات الكارتونية حتى وإن كانت شريرة!
لذلك أقول إن الأفلام والمسلسلات تؤثر على نفسية الإنسان وشخصيته سلباً ، ولا تعلم مهارات الحديث أو تطوير الذات.
أما موضوع الأفلام والمسلسلات فأن غالبيتها لها دور وتأثير سلبي في سلوك الأشخاص ، وذلك لأن الإنسان يحب التشبه والتقمص بأي شخصية بغض النظر عن سلوكها العدواني أو الإنساني
أتفق في كون بعض الأفلام لها تأثير سلبي على الإنسان عمومًا، ولكن ليس غالبيتها. بل على العكس أجد أن اتجاه الأعمال الفنية في السنوات الأخيرة _وهنا أتحدث عن الأعمال الفنية الأجنبية_ يذهب إلى مناحي كان من الصعب التعرف عليها إلا من خلال تلك الأفلام. كما يمكن للطفل أن يتعلم الجانب السلبي، فعلى النقيض يمكنه تعلم الجانب الإيجابي، فلو شاهد مثلًا فيلم ك Men of Honour سيتعرف على العنصرية ويتعلم أنها سيئة جدًا، ولو شاهد فيلم Forrest Gump سيصبح لديه العزيمة والإصرار لتحقيق النجاح حينما يكبر. المهم هنا أن يحدد له أبواه الأفلام التي يمكنه مشاهدتها وبذلك ترسخ بداخل عقله مبادئ رائعة بطريقة عملية ومصورة.
أنا لم أشاهد الأفلام التي ذكرتها ، ولكني شاهدت الأطفال في أحياءنا السكنية عندما يلعبون فإنهم يتقمصون أي شخصية كارتونية أو فيلم ولا يهمهم أو لا يميزون ما إذا كانت هذه الشخصية هي خير أو شر ، سيء أو جيد ؛ فعلى العكس هم يحبون العنف والحركة ؛ وهذا أمر سلبي وخاصة إن طبيعة الإنسان تبحث عن القوة.
أما الأخلاق والمبادئ فلا يحاول أحدكم أن يقنعني بأنه ممكن أن يتعلمها الإنسان من التمثيل، لأننا كلنا نعلم إنه عالم وأحداث "وهم" مبنية على الأكاذيب والخيال.
فهل السر يكمن أيضا في مشاهدتها؟
نعم، تؤثر فينا الأفلام والمسلسلات بشكل ما ونتفاعل معاها بالموافقة أحيانا والمعارضة أحيانًا، أرى أنها تفتح لي زوايا كثيرة غير الزاوية التي أنظر بها، اتساءل دائمًا وأنا أشاهد لو كنت مكان البطلة ماذا سأفعل بمعنى إذا تعرضت لنفس الموقف في حياتي ماذا سأفعل؟ وأقارن بين إجابتي وما فعلت البطلة وأقوم بتحليل نتائج الفعلين.
أبدي موافقة مبدئية مؤكّدة يا عفيفة، فالفن بشتّى أنواعه ومجالاته ومصادره قادرٌ على أن يفتح آفاق تفكيرنا، وذلك من أجل الحصول على المزيد والمزيد من الأفكار والمناهج الجديدة. نستطيع من خلال هذه النوعية من المستقبلات أن نحصل على ما نسعى إليه دون أن نعي. نستطيع أن نطلع على عوالم، وأن نرى مواقفًا لم نكن لنراها أبدًا، أن نعيش حياتين وثلاث حيوات، وأربع، ومئة. لدينا القدرة في هذه الحالة على تخليل مواقف مختلفة من أزمنة مختلفة، بالإضافة إلى التقنيات الفنية التي يتم صقلها شيئًا فشيئًا.
بالنسبة للأمثلة، فإن الأمر غير محصور بين نموذج أو اثنين، وإنما هو منهج وطريق، فالسينما منذ أزمنة غابرة استطاعت أن تقتحم الوعي البشري بالعديد من الأفكار، ولا أستطيع بسهولة أن أحصر هذا الأمر في بعض الأسماء. سأكتفي بتبنّي الفكرة على صعيد السينما ككل.
هناك بعض الأفلام والمسلسلات قد أثرت بالفعل فيَّ وخاصة تلك الافلام التي توثق حياة الشعوب ومقاومتها للمحتل مثل افلام عمر المختار وفيلم الارض وارطغرل وغيرها من تلك التي بالفعل تحرك فينا الوجدان وتكون قريبة من الشعور الداخلي لنا وكذلك هناك افلام وجدانية قد أثرت في تكويننا العاطفي وترك الاثر .
لهذا علينا ان نشارك اطفالنا في مشاهدة أفلام او مسلسلات منتقاة تشحن فيهم الذاكرة وتساعدهم على تكوين وجهة نظر تبقى معهم كحافز.
بالتأكيد ، المسلسلات والأفلام _صورية وصوتية_ وهذه طرق تعلم المخ، وبالتالي يضمن تأثيرها المباشر على ذاكرتنا وبعد تخذينها، سيكون لها تأثير مباشر على طريقة تفكيرنا فيما بعد. لذا تنقية ما نشاهده وما يشاهده أطفالنا، أمر بالغ الأهمية.
وهل هناك أفلام أو مسلسلات كانت عاملا في تطوير تفكيرك؟ أذكر من بينها؟
أذكر في فيلمa beautiful mind كانت الشخصية المحورية تعاني من انفصام في الشخصية، كان الرجل يكلم أشخاص ليسوا موجودين في الحقيقة، ولكنه في النهاية تجاهلهم واكمل حياته.. الأمر كان كرسالة غير مباشرة إلى عقلي، فتعلمت ألا أستمع لما يدور في خاطري ولا يتفق مع الواقع، لقد مررت بتجربة سيئة وهذا الفيلم بالتحديد ساعدني كثيراً.
وهل هناك أفلام أو مسلسلات كانت عاملا في تطوير تفكيرك؟ أذكر من بينها؟
تأثير الإعلام والأفلام أمر لا ينكره سوى أعمى، إن الإنتاج السينيمائي اليوم تعدى كونه مجرد ممثلين يؤدون أدوارهم بل تطور إلى حد دراسة طريقة عمل عقول المشاهدين والطرق الأفضل للتأثير عليهم، وهي استراتيجيات تتبعها مختلف الجهات الإعلامية .
المسلسلات والأفلام يمكن أن تعلمك الكثير، حتى أنها أصبحت تعادل عمل الوالدين في التأثير على الأطفال، وحتى الكبار فلهم نصيب من هذا التأثير، أنا على سبيل المثال قد تعلمت اللغة التركية من مشاهدة المسلسلات فقط، وغيري من تعلم الإنجليزية وغيرها من اللغات بمشاهدة الافلام والمسلسلات .
هناك بعض المسلسلات والأفلام تتعدى كونها برامج ترفيهية، بل تتطرق إلى ذكر حقائق ومعلومات واستراتيجيات مهمة، مثلاً قد تعلمت شيئاً من مبادئ لعبة الكريكت من فيلم هندي، هذا غير المعلومات التاريخية التي تتناولها بعض المسلسلات والأفلام التاريخية، هناك مسلسلات تتناول قضايا سياسية تساعدك في فهم وتحليل مثل هذه القضايا .
عن تجربة شخصية فأنا من الشخصيات المحبة لمشاهدة الأفلام والمسلسلات خصوصاً الأجنبية، ولكن لا أعتقد بأنه هناك أى إستفادة حقيقية لأن الأفلام والمسلسلات تدخل فى نطاق المجالات الترفيهية فالغرض الأساسى منها هو الترفيه عنك فقط، بل بالعكس فإنها تعتبر من العادات السلبية التى تؤثر على الإنسان بالسلب فأغلب الأعمال السينمائية اليوم لا تهدف لتنمية الفكر عند المشاهد وإنما تبحث على تسليته وتضييع وقته بأى طريقة فأصبحت الكثير منها مجرد خيالات وأكاذيب فقط لشد إهتمام المشاهد وأكبر مثال على ذلك هو شركة " عالم مارفل السينمائي" أكبر شركة للأنتاج السينمائى فى العالم والتى يتابعها الملايين بل المليارات من الأشخاص من مختلف دول العالم فإيراداتها تتخطى المليارات من الدولار، حيث معظم أفلام الشركة تقوم على الخيال العلمى فقط، ولذلك فتطوير التفكير لا يكون فى الأعمال السينمائية وإنما فى قراءة الكتب والخبرات المكتسبة من الحياة.
التعليقات