دائمًا ألاحظ أن الأماكن التي أزورها تعيد تشكيل تفكيري وتصوراتي عن العالم من حولي، فالأماكن الجديدة تجعلني اكتشف الكثير من العادات والثقافات المختلفة مما يعيد تشكيل بعض المعتقدات لدي، لذلك أرى أن الأماكن التي نزورها تعزز كثيرًا من قدراتنا على التفكير النقدي وتجعلنا أكثر قدرة على تقبل الآخرين، ربما لأنها تحمل قصص وتاريخ يؤثر فينا بشكل غير مباشر دون أن ندرك ذلك، وبالتالي نعيد النظر في كل شيء من جديد، شاركنا رأيك هل تعتقد أن زيارة أماكن جديدة يمكن أن تغير من طريقة تفكيرك وقناعاتك الشخصية؟
كيف يمكن للأماكن التي نزورها أن تغير من طريقة تفكيرنا؟
لقد لاحظت هذا بالفعل، فقد لاحظت مؤخرا أنني كلما زرت مكانا جديدا أدركت مدى سعة العالم وتنوع واختلاف الثقافات وهو ما انعكس على شخصيتي حيث جعلني أكثر تقبلا وانفتاحا على الآراء المخالفة لما أعتقده، وهي صفة لم أكن أجيدها مطلقا في السابق
بالضبط وهذا التنوع الثقافي يتعدى كونه اختلاف في العادات والتقاليد والثقافة إلى ما هو أبعد من ذلك، فنجده يشمل النظرة للحياة وأساليب التعامل مع المشكلات واستغلال الزمان والمكان فيما يفيد، على سبيل المثال بعض البلدان تنظر للوقت بمرونة كبيرة بحيث لا تهتم به بشكل دقيق، وبعضها الآخر كاليابان مثلاً يعتبر الوقت كنز ثمين ويهتم بكل ثانية فيه.
إن السفر وتغيير البيئة يعد من أكثر ما يغير في الإنسان وطبعه، فيصبح المستغرب طبيعيا، والطبيعي غريباً، فحين نرى اشياء قد تكون غريبة في بيئتنا أو مجتمعنا ونرى الناس تقوم بها بكل أريحية تشعر أن هذا الأمر قد يبدو مقبولا أو قابلا للتطبيق وأن هناك أشياء تجد صعوبة في القيام بها وأنت الذي كنت تفعلها يوميا في بيتك التي كبرت وترعرعت فيها، مما يعزز لديك التفكير والتأمل في صحة ما عشته سابقا وصحة ما تعيشه حاليا من عدمه، وتتعزز لديك القدرة على التفنيد لما يناسب او لا يناسب من الأقوال والأفعال والعادات والسلوكيات.
الأهم في هذا الأمر أن تأخذ ما ينفعك في كل بيئة وبلد تمر بها وتترك ما لا يناسبك.
أضيف إلى حديثك أن السفر يعد تغييرا في الزمن أيضًا لأننا نتعرف على تاريخ وثقافات مختلفة وكأننا نسافر عبر الزمن، على سبيل المثال عندما أسافر دولة أخرى وأقوم بزيارة أماكنها التاريخية أتخيل الأشخاص الذين كانوا يعيشون في تلك الأماكن وعاداتهم وتقاليدهم، وهذا يجعلني أفهم الماضي والحاضر بشكل مختلف، ولا يمكن أن ننسى أيضًا أن السفر يعزز مهارات التواصل مع الآخرين والتكيف مع البيئات الجديدة ويعلمنا التعامل مع أي تغيير بشكل ممتاز.
لدي تجربة مثيرة هنا،
حينما كنت منغلقة على المجتمع الذي أعيش به، كنت قلقة دائما، وأقل شيء يجعلني خائفة، لا أشعر بالأمان بتاتًا، أفكر في الموت كثيرا. أخاف من الحساب،.. إلخ.
لم يكن خوفًا بل هلع.
بعد أن انفتحت على مجتمعات أخرى وعشت في مجتمعات مختلفة عن التي اعتدت عليها منذ ولادتي، أصبحت أشعر بأمان أكبر، ولا أتخيل سيناريوهات سيئة كما كنت أفعل بدون إرادتي.
والسبب في ذلك هو إدراكي أن الكون أكبر من حدود تفكيري وبصري، وبطريقة ما تم ربط ذلك في الااوعي لدي بتنمية الشعور بالأمان. مثلًا رأيت أشخاصًا فاسقين يفعلون كذا وكذا، فاطمئننت إلى سيري على الطريق الصحيح وزادني الاستكشاف ثباتًا.
مثلًا رأيت أشخاصًا فاسقين يفعلون كذا وكذا، فاطمئننت إلى سيري على الطريق الصحيح وزادني الاستكشاف ثباتًا.
لا بد أن نكون على حذر من هذه النقطة على وجه الخصوص لأنه أحيانًا ينتابنا الغرور لأننا لا نقوم بالمعاصي والذنوب التي يفعلها غيرنا، وهذا يجعلنا نتغاضى عن الكثير من الأشياء ونرتكب بعض الذنوب بمبرر أننا أفضل من غيرنا وهذا له عواقب وخيمة.
الرضا عن النفس طيف كامل لا يجب أن تصل لأقصاه على أيٍ من الناحتين.
يعني لا تكون راضيًا عن نفسك تمام الرضا ولا تكون غير راضٍ عن نفسك البتة فتجلدها.
ومستوى الرضا يجب أن يتغير وفق الفترة التي تعيشها فأحيانًا تحتاج فقط إلى 20% لتقوّم نفسك بالنسبة الباقية، وأحيانًا تحتاج إلى رضا أكثر لتتمكن من الإنجاز وتشجع نفسك.
وهذه هي روح الإنسان التي تقبل وتدبر، وقلبه الذي يتقلب بين النهار والليل.
بالتأكيد رؤية ثقافات مختلفة عما اعتدنا عليه تُشعرنا بشيء من الانفتاح وتعزز عندنا فكرة تَقبُّل وجود حيوات مختلفة تمامًا عنا، والأمر له تأثير على شخصياتنا وطريقة تفكيرنا.
لكن أيضًا للأمر بُعد سلبي، فكثيرًا ما نرى أناسٌ ينخرطون لفترة في مجتمعات ويتطبعون بطباعهم في أمور غير أخلاقية وغير مقبولة في مجتمعنا من ناحية الدين والأخلاق بحجة الانفتاح!
ليس زيارة الأماكن وحدها بل طريقة نظرتنا إلى هذه الأماكن من زوايا مختلفة سواء بصرية أو فكرية، لقد زرت الأهرامات أكثر من مرة وفي كل مرة أراها بمنظور مختلف وأبحث عن شيء جديد لم أراه في هذا العام كنت في زيارة وقررت أن أقوم بها وحدي فحينها رأيت في عيون الناس أنفسهم نظرتهم لهذه العجائب التي هي موجودة منذ ألاف السنين صامدة، تم بنائها بطريقة هندسية بسيطة ومعقدة في نفس الوقت، هذا أمر لم ألاحظه من قبل لأنني كنت وسط مجموعة من قبل فبالتالي تركيزي كان على انبهاري الشخصي ولكن حينما ترى غيرك ينبهر بطريقته فحينها تشعر بعظمة هذا المكان، وتعلمت من زياراتي للأماكن المختلفة أن أغير طريقة رؤيتي للمكان ففي مرات أزور المكان وأنظر إلى الأماكن المخفية فيه فيطعني هذا بعد أخر عن المكان أو لو مكان طبيعي أبحث عن بقعة مميزة مختلفة في كل مرة وكل مرة يكون لها تأثير مختلف.
التعليقات