الحديث اليوم عن الحلقة المفرغة بين العمل والخبرة. لتحصل على عمل يجب أن تمتلك الخبرة، ولتمتلك الخبرة يجب أن تحصل على عمل!! المشكلة الأزلية لمعظم طلاب الجامعات والكثير من الناس هي عدم وجود الخبرة. ماذا سأكتب في سيرتي الذاتية؟ فأنا تخرجت من الجامعة لا أمتلك سوى الخبرة النظرية. كيف نحل هذه المعضلة؟
كيف يمكن لشخص صفر خبرة الحصول على وظيفة؟
من تجربتي: المراسلة الكثيفة حل. حين بدأت صناعة المحتوى والكتابة لم يكن عندي خبرة أبداً، خرجت من الجامعة، من كلية الأدب الإنكليزي بلا أي خبرة غير بالمواضيع الأدبية ولكني طبقت نصيحة المتحدث الأمريكي ورائد الأعمال: غاري فيي - في أن المستجدّين عليهم دائماً البحث واستعراض ما يمكن القيام به أمام أبر عدد ممكن تماماً كمندوب مبيعات بمنتج عادي، يومها قال إذا لم تراسل ٢٠٠ شركة باليوم عن وضعك فلا تقول لي بأنك مظلوم من حيث الوظيفة، في البداية لم أصدّقه ولكني جرّبت، لم أكمل إرسال أكثر من ١٥٠ إيميل حتى وصلني أول عمل ومنه بتّ أتدرّج ولذلك برأيي دائماً أن المراسلة المكثّفة حل في هذه الحالات.
هذه فكرة كانت قد تساعدني كثيرًا في بداية مشواري في العمل بعد التخرج من الجامعة، أتمنى ان تخبرني بالمزيد عن هذه التجربة فكيف على سبيل المثال كنت تحصل على ايميلات شركات بهذا العدد، وكيف كنت تصنع CV جيد دون وحود خبرة كبيرة تملؤه وأيضًا هل كانت الوظيفة التي حصلت عليها مجزية أم لا؟
ال cv أضع بها كل الأمور التي تعلمتها، أما في ترويسة الإيميل فيكون الأمر عبارة عن تعريف بي وعن تعريف بأنني أرغب في العمل ولو كمتدرب في الشركة واستعرض الأمور التي أنا قادر أن أضيفها بشكل خاص للشركة (ليعرفوا بأنني أراقب عملهم فعلاً ولا أقدم بشكل عشوائي) البحث عن الايميلات كان يتم عبر انستغرام، الءي ما أن تبحث عن شركة بمجال معين حتى يبدأ بتنسيق خوارزميتك كلها لتكون وفقاً لما بحثت عنه.
هل يمكن أن ينطبق هذا على مجال الكتابة؟ .. أنا بالفعل راسلت أكثر من 200 منصة وصحيفة رقمية مصرية أو عربية.
هل متأكد من أنك ترفق نماذج من أعمالك ليطلعوا عليها؟
نبهني تعليق ضياء إلى غفلتي عن هذا الأمر. كنت أتحدث بالرسالة عن خبرتي دون أن أبرهنها بنماذج الأعمال التي يمكنها أن تجذبهم للتواصل معي.
الفيصل هنا ليس بالعدد أبدا، فأتذكر عندما بدأت بمجال الكتابة راسلت منصتان فقط عبر الإيميل وتلقيت عرض من أحدهم وكان عرضا مغريا، فمن المفترض عند المراسلة أن تكون على دراية تامة بمعايير الجهة التي تراسلها، وأن ما تكتبه يتوافق تماما مع معاييرهم، وإلا لن ينظر لطلبك بالتأكيد. لذا قرأت كثيرا بموقعهم، واطلعت على شروطهم وطبقتها بنماذج أعمالي، وبالفعل نجحت بجذب انتباههم بمراسلتي.
حتى هذا لا ينجح دائما، لأن العديد من المنصات تركز على منح الدعم لمن ينتمي إلى دائرة معارفها، فأنا بالفعل قبل أن أراسل أي مدونة أو صحيفة، أكون مطلع إلا على محتواها بالكامل، أو على ما لا يقل عن 50% من النصوص المنشورة لديها. وبالطبع أكون ملتزم بسياساتها، حتى أن هناك محرر معروف اسمه بول مخلوف، كان يحرر في نفس المواضيع ونفس السياق الذي أكتب فيه تماما، ورشحت له مواضيع مماثلة، صدمني بالرفض معللا أن سبب الرفض هو عدم ملائمتها لما يكتب فيه!.
لتحصل على عمل يجب أن تمتلك الخبرة، ولتمتلك الخبرة يجب أن تحصل على عمل!!
درجاتك في الجامعه مهمة جداً لكي تحصل علي وظيفة بعد التخرج، والأمر أيضاً يحتاج منك ان تقوم بالتدريب الصيفي أثناء الدراسة للإحتكاك بسوق العمل، وفي بعض الجامعات وبعض التخصصات أصبح التدريب الصيفي إلزامي حتي للتخرج لربط الواقع العملي بالواقع النظري.
لحل معضلة اكتساب الخبرة والمهارة لابد وأن تمر بمرحلة العمل بدون أجر! سيستغربها البعض، والبعض الآخر يعتبرها استغلال لخريجي الجامعات والمعاهد العليا، لكنني أظنها ضرورة للمرور على سوق الشعل ومعرفة خباياه، ولايمكن ذلك إلا بالاحتكاك المباشر به، لذلك يجب أن يخضع لمرحلة عملية تدريبية بدون أجر من أجل التعلم والاندماج في عالم الأعمال.
هي ظاهرة للأسف فيها كثير من الاستغلال فهناك أشخاص يعملون لمدة سنوات بهذه الطريقة أو يحصلون على بدل مواصلات فقط مثلًا وما إلى ذلك، وأعلم بشأن أحد المكاتب الهندسية الكبيرة في منطقتي مثلًا وهو يعتمد على توظيف الخرجيين الجدد بهذه الطريقة ويعطيهم بدل المواصلات فقط ويستغلهم في انجاز مشاريع كاملة تدر عليه آلاف الجنيهات من الأرباح ثم عندما تزيد الخبرة ويطلب الشخص وظيفة حقيقية يستبدله بخريج جديد آخر وهكذا، لهذا اجد ان هذه الممارسات يجب أن يكون هناك رقابة شديدة عليها وأن بجبر اصحاب العمل على دفع مبلغ معين كحد أدني.
من المفترض أن يكون الشخص نفسه هو من لديه الوعي للانتباه لذلك، فليس منطقيا أن أعمل لسنوات بدون مال أو رابت، ليس منطقيا أبدا، فحتى حاجتنا كبشر تتغير، لذا دوما الحاجة من وراء العمل دون مال هو اكتساب الخبرة ما إن تحققت لن يبقى أحد على هذا العمل المجاني وسيبدأ بالبحث عن عمل حقيقي.
بالنسبة لهذه الحالة بالتحديد فصاحب هذا المكتب الهندسي يستغل أن مكتبه مشهور جدًا ويعمل على مشاريع كبيرة وسمعته جيدة جدًا وسط العملاء وقد يكون من أنجح المكاتب في مجاله، لهذا يكون عليه اقبال من الخرجين الجدد الطالبين للخبرة ووجود اسم هذا المكتب في ال CV الخاص بهم يثقله أمام الآخرين، وهو لا يوظفهم بهذه الطريقة لسنوات بل شهور بسيطة ثم يأتي بغيرهم وهكذا تظل الدائرة المفرغة.
لا أراه استغلال بل تبادل مصلحة، جميعنا بالبداية كنا نبحث عن أسماء مشهورة كشركات لنعمل لها بالمجان أو نتدرب معها لنحصل على الخبرة ونضع ذلك في السيرة الذاتية، وبالفعل هذا حدث معي بالجامعة فكان لدينا تدريب إلزامي من الكلية بالصيدليات، وكل شخص يختار الجهة التي سيتدرب لها، وكنا نقبل كثيرا خاصة من يريد أن يعزز سيرته بالتقدم على مجموعة من الصيدليات الأكثر شهرة بالمحافظة وعلى مستوى الجمهورية، كنا نتدرب بالخمس ساعات وبعد مدة بسيطة كنا نعمل مثل الذين يعملون ونتعرض لضغط عمل وبدون أي مقابل لكن لن أنكر أني اكتسبت خبرة لم أكن اكتسبها بأي مكان، فلديه كل ما تتخيل أن تتعلمه، خرجت من المكان ولدي خبرة تؤهلني للعمل باي مكان آخر أريده
اكتساب الخبرة والاستفادة من التجربة أمران مهمان جدًا ومثل هذه الفرص توفرهم بالفعل لكن هذا لا ينفي الاستغلال عن هذه الممارسة بالتأكيد فمن المفترض ألا يسمح للشركات أن لا تدفع مقابل مادي موازي أو قريب مما يستحقه الذي يقوم بالعمل وان تكتفي بإكسابه الخبرة وما إلى ذلك هذا يصبح عمل مجاني أشبه فيما أرى بالسخرة خصوصًا لو كان العمل مرهق ومسؤولياته كبيرة وفي نفس الوقت الشركة وصاحيها يقدرون على الدفع وكل هذا موحود وحقيقي في كل الحالات تقريبا خصوصًا مع المكاتب والصيدليات الكبرى.
يمكن اكتساب الخبرة في وقت الجامعة ببساطة بالمشاركة في الأنشطة التطوعية وخاصة نماذج المحاكاة بالجامعات لأنها تحاكي بشكل كبير الهيئات التي تمثلها؛ على سبيل المثال: الطلاب المشاركون في نموذج محاكاة جامعة الدول العربية يقومون بأنشطة تحاكي فاعليات الجامعة مثل مناقشات ملفات الدول والتطرق إلى المشاكل الخاصة بالدول العربية وحلها وقد يقومون بأدوار وزراء الخارجية ويكون معهم مندوبون من الجامعة لمساعدتهم. وهذا مثلا مفيد لطلاب السياسة والاقتصاد لأنه محاكي لما يجدونه في سوق العمل بعد التخرج.
ويمكننا إسقاط هذا على باقي النماذج. من ناحية أخرى، يمكن للطلاب حضور برامج تدريب ميداني للاستفادة العملية وهناك الكثير من الطلاب من يحصل على فرص في الشركات التي ينزل فيها بعد انتهاء البرنامج.
التعليقات