سأتحدث بلسان حديثي التخرج مثلي، ومدى التخبط الذي نعيشه لكثرة المجالات والخيارات فأحيانا نبدأ بمجال ونجد مجال أخر واعدا أكثر ونصبح مشتتين، كذلك لا نريد أن نبدأ بمجال ونقضي به سنوات ونكتشف أنه لم يكن اختيار موفق.
ما أول علامة على أنك في طريق وظيفي خاطئ؟
أنا اليوم اشغل منصب يسمح لي بالموافقة أو الرفض في قرار تعيين الموظفين بحكم أنهم سيعملوا في فريقي، وللأسف أنا منذ ستة أشهر تقريباً أرفض أي حديث تخرج، لأنه للأسف نقبله وندربه ونوفر له بيئة مستقرة وتجري معه إجراءات الدمج وعمليات كسر الجليد وتصدر قرارات التكليف وغيرها من الإجراءات وبعد شهرين أو أقل يقرر الرحيل رغم شغفه في البداية، برأيي المشكلة ليست في وظيفة بل في الأشخاص نفسهم هم لا يعرفون ما يريدونه وهذا أول أمر سلبي، هم يريدون زيادة الراتب والترقية والنجاح خلال أشهر بسيطة وهذا مستحيل، هم يريدون أن يكون العمل متكيف معهم رغم أن المفترض حدوث العكس، أظن هؤلاء ليس عندهم مشاكل مع الوظيفة بقدر ما عندهم مشاكل مع أنفسهم
اعتقد أن هذا المشكل ليس بسبب عدم معرفة الناس لأفسهم وما يريدون، بقدر ما هو مرتبط بالضغط المعنوي القوي الذي يمارس على الناس بسبب السوشيال ميديا، التي تصور لنا أن المال هو أسهل ما يمكن تحقيقه وأن من لا يحقق ملايين الدولارات غبي ، وأن النجاح المالي الفائق بفترض أن يتم تحقيقه في غضون أشهر، لا بل من أسابيع قليلة، الناس تصطدم بواقع مرير لكنها لا تحاول تقبله، بل تحاول تغييره بالأماني والتوقعات الرومنسية .
أتفق معك يا إسلام في اﻵتي:
هم يريدون أن يكون العمل متكيف معهم رغم أن المفترض حدوث العكس، أظن هؤلاء ليس عندهم مشاكل مع الوظيفة بقدر ما عندهم مشاكل مع أنفسهم
فحديثي التخرج يريدون من العمل أن يكون على هواهم ومن واقع خبرتي أن أي عمل حتى لو كانوا يحبونه أو يشغفون به سيكون ثقيلاً عليهم وعلى قلوبهم. ولذا نصيحتي للأخ المجهول أن يبدأ في أي عمل يليق به وأن يصبر عليه فهو حتى إن كان لا يحبه في البداية سيحبه لاحقا ويتأقلم عليه ويتكيف معه هذا أفضل من التشتت بين أعمال كثيرة بلا إنجاز في أي منهم.
أتفهم حيرتك وهي طبيعية ومشروعة، في بداية حياتنا بيكون أمامنا الكثير من الطرق، ونعتقد أن كل طريق بعدنا بأفضل الفرص.
اعتقد انك لن تعرف الطريق الأفضل لك إلا بعد أن تجرب، لابد أن تجرب أكثر من طريق حتى ترتاح لأحدهم، واستعن بالله دائما.
كثير من حديثي التخرج يريدون أن يكون الطريق واضح وأن يحصلوا على نتائج سريعة ويشعروا فورًا أنهم في المكان الصحيح لكن الحقيقة أن أي مجال جديد في البداية يبدو غامض ومتعب ومليئ بالشكوك حتى لو كان مناسب لنا مع الوقت. التشتت لا يكون لأن الطريق خاطئ بل لأننا ننتقل من مجال إلى آخر قبل أن نعطي أي طريق فرصة حقيقية للنمو والتعلم إذا ظهر مجال جديد كل مرة وظننا أنه أفضل فلن نستقر أبدًا ولن نعرف أي طريق يناسبنا. ليس كل تغيير مسار حكمة أحيانًا الصبر والمثابرة هما ما يكشفان لنا إن كان الطريق مناسب أم لا فالوضوح لا يأتي قبل السير بل يظهر أثناء التجربة
برأي لا يوجد مجال غير مناسب بقدر ما يوجد بيئة عمل غير مناسبة، الفكرة أن بعد التخرج تبدأ بعمل الكثير من التصفحات عبر الانترنت لتتعرف على كل الوظائف المتاحة لمؤهلك وتقارن بين الرواتب وفرص السفر والمسار الوظيفي وفرص النمو والترقي وتبدأ في اختيار طريق لتجربته. ما أن تدخل سوق العمل ستتفتح مداركك ويتسع اطلاعك وتزداد خبرتك وتفهم سوق العمل أكثر، ولكن تأكد أنك على تحكم على وظيفة في بيئة عمل غير مستقرة أو سلبية.
التعليقات