حين أنظر إلى سوريا، أراها قلبًا نابضًا في صدورنا، وأمًا مثخنة بالجراح، لكنها ما زالت تبتسم حين ترى أبناءها يمدّون أيديهم ليمسحوا عنها غبار الحرب. سوريا ليست مجرد أرض نعيش عليها، بل وطن يعيش فينا ويزرع فينا قوة لا يعرفها إلا من أحب أرضه حتى الرمق الأخير.
كل بيت سوري له قصة ألم: بيت فقد شهيدًا، وآخر صار ركامًا، وثالث تفرقت عائلته في الغربة. ومع ذلك، لم ينكسر الشعب. كالنهر الذي يشق طريقه بين الصخور، عاد السوريون يتدفقون بالحياة، يعمرون بيوتهم، ويكتبون صفحة جديدة بمداد الصبر والإرادة.
حين انتشرت أغنية بعد التحرير تقول: "بالحب بدنا نعمرها"، استهزأ بها البعض، ورأوا أنها مجرد أحلام وردية وكلام من ضرب الخيال. لكنني اليوم أرى في كل يد تمتد للتبرع، وفي كل شخص يعود إلى قريته رغم غياب الكهرباء والماء، أن هذا الحب هو فعل عملي، قوة تعيد البهجة إلى القرى والبلدات التي كانت بالأمس خرائب صامتة.
قد يعتبر البعض هذه التفاصيل عادية، لكنني أراها معجزات صغيرة، كالشمس التي تشق ظلام الليل، وكالزهرة التي تخرج من بين الصخور. هذه المشاهد تثبت أن إرادة الشعب وصبره يمكن أن تعيد للوطن مجده.
أنا كسورية، حين أرى هذه الجهود، أشعر بالفخر. أشعر أنني أنتمي إلى شعب ينهض بعد كل سقوط، ويؤمن أن سوريا ستعود أقوى، بقلوب محبة وأيدٍ تبني.برغم من أن الطريق ما زال طويلًا، لكننا تعلمنا أن الحب يمكن أن يكون سلاحًا، وأن الامتنان للأرض هو ما يجعلنا نزرع فيها من جديد، وأن الأمل لا يُطفأ مهما حاولت العواصف.
أنا أعلم أن الحب وحده ليس كافيًا، فهناك الكثير من المقومات المهمة لإعادة البناء؛ من مال، وعمل، ووعي، وعدالة، وتكاتف. لكنني في الوقت نفسه أجد أن محبة الشعب لوطنه وصبره وإصراره على الوقوف من جديد عناصر أساسية في النهضة
- وأنتم كيف ترون دور الحب في بناء الأوطان؟
هل هو مجرد دافع عاطفي، أم أنه حقًا قوة عملية قادرة على تحويل الكلمات إلى واقع؟
التعليقات