منذ مدة كان لدينا مشاجرة قوية في الشارع، وكان الأطفال والشباب يتطاولون على بعضهم بطريقة شنيعة، حتى أنهم كانوا يقلدون أحد الممثلين في حركاته وأسلوب كلامه، ولذا رغبت في معرفة آرائكم حول مدى تأثير الأفلام والمسلسلات في شخصية وسلوك الإنسان؟ وهل يمكننا حماية أنفسنا من الآثار السلبية لبعض الأعمال؟
إلى أي مدى قد تؤثر الأفلام والمسلسلات في شخصية وسلوك الإنسان؟
برأيي كلّ شيء نستهلكه من دون وعي يصبح جزء منّا، بعض الأمور في المسلسلات والأفلام وإن لم نطبقها حرفيًا، فإنّها تعمل على "تمييع" بعض المبادئ فينا.
عندما كنتُ طفلًا كنتُ سأستنكر مثلًا منظر الخمر وكأسها، وأنا اليوم لستُ بنفس الاستنكار حين أرى المنظر في السينما، رغم أنِّي لن أشربها يومًا.
هذا مثال بسيط جدًا عن التأثيرات، يتعدّى الأمر لأشياء أخطر، ربما اعلان لفتاة فاتنة تتمايل، يدخل من غير وعي لأفكارنا، ويجعلنا نفكّر أنّ ما تتحلّى به هذه الفتاة هو ما يجب أن نبحث عنه.
هناك قناة اسمها فقه النفس على يوتيوب، فيها كثير من الفيديوات عن "المدخلات" وهي في نفس الموضوع، أنصح بمتابعتها.
الفن سواء أكان جيد أو رديء هو القوة الناعمة ،ففي كل الأحوال هو قوة تتغلغل في نفوس الأفراد و تتمكن منهم،و تؤثر فى وجدانهم و سلوكهم و عاداتهم و أفكارهم . و لذلك للفن تأثير جم على النفوس و الأجيال و المجتمعات ،و لكل حضارة فنها الذى يميزها و يتأثر بها و يؤثر فيها .
و أرى إن أفضل وسيلة لمجابهة الفن الهابط ،هي عدم منعه و عدم التحدث عن سلبياته ،فالممنوع مرغوب،و ينبغي علينا أن نميت الباطل بالسكوت عنه ،و عدم عمل دعايا سلبية تزيد عدد المتتابعين له ، و مليء الساحة الفنية بأعمال جيدة تنافس الفن الهابط و تمحو آثاره السلبية .
أبعاد المشكلة لم تتوقف عند هذا الحد يا شيماء. هذه هي الكارثة في رأيي، حيث أنني في العديد من الأحياء أسمع يوميًّا عن ارتفاع مستمر في جرائم القتل، والتي بشكل عام في مختلف الأشكال الاجتماعية بدأت في التزايد على صعيد فئة المراهقين والشباب وحتى الأطفال، حيث أن المحتوى الذي يتم تصديره عبر صنّاع المحتوى ومنصات السوشيال ميديا المختلفة، وسهولة الوصول لكل متلقّي بمنتهى الأريحية وبأقل التكاليف، مكّنت العديد من الثقافات الفظة وغير المتحضّرة من الانتشار عبر الإنترنت، والتي تستطيع بسهولة إكساب الأطفال والمراهقين المزيد من العصبية والعنف. للأسف لا أرى أي طريقة بمكننا من خلالها السيطرة على الأمر خلال الفترة القادمة.
تدخل الأفلام في مجال السينما التي تلعب دورا هاما في الإعلام، إنها كفيلة بتغيير جيل كامل من فكر إلى فكر مختلف إن كانت موجهة!
فكما نرى اليوم إنشغالها بتغيير القضايا الكبرى، يمكن طبعا أن تؤثر في السلوك خاصة المراهقين، ذلك لأنهم لا يعقلون الامور على صورتها بعد وتلك الفترة بالذات حساسة وضعيفة وهي فرصة لتوجيه أفكارهم إلى السلب أو الإيجاب.
تأثير الأفلام والمسلسلات في شخصية وسلوك الإنسان؟ وهل يمكننا حماية أنفسنا من الآثار السلبية لبعض الأعمال؟
الأفلام والمسلسلات هي عبارة عن مدخلات، وكل المدخلات لها مخرجات وبدون شك هي تؤثر علينا شئنا أم أبينا، أدركنا ذلك أو لم ندرك.
فهي تتفاعل ما قيمنا ومع التكرار تصبح قناعات ومسلّمات دون أن نعي ذلك، مثلا:
أنا شخصيا في وقت مضى لم أكن أشاهد الأفلام والمسلسلات إطلاقا، وكنت أخجل حين أرى فتاة بثوب فاضح لكن جاءت فترة وشاهدت فيها مسلسلات تركية وحتى أفلام أجنبية ومع الوقت أصبحت أرى الأمر عاديا هذا مثال بسيط وقيسي على ذلك.
أما عن كيف نحمي أنفسنا فهو بالوعي، أن نكون واعيين لما نستهلك وما يدخل عن طريق حواسنا ننتبه له، ولا نترك أنفسنا هكذا في مهب ريح تلك المواد السمعية البصرية أو حتى المكتوبة لأن كل ذلك يؤثر فينا بطريقة ما.
اختي شيماء بداية علينا الاتفاق يختلف على الشخص بسبب العمر او التجارب والقدرة على التمييز والثقافة والوعي ولكن بصورة عامة اسمحي لي المشاركة بالتعقيب التالي:
يتشكل التأثير ثنائي الاتجاه للوسائط في حياتنا حيث يقربنا من جانب واحد من العالم من خلال العديد من الطرق التواصلية والتعليمية ، ومن ناحية أخرى يجعلنا بعيدين عن نمو الذات الحقيقية دون عوائق.
غالبًا ما يتم فقدان أصالة السلوك البشري أثناء تلقي التحريض من مخالب وسائل الإعلام المنتشرة. نضع معتقداتنا على خط ما نراه ونشتق من هذه المصادر. من الصحي تبني الإيجابية منه ولكن في نفس الوقت يصبح من الضروري تجنب شخصيات العنف والسلبية.
صناعة التلفزيون والسينما لم تطور بعد عملية أكثر دقة لتصفية المحتوى لضمان جو سلمي بين الناس. مجال الإعلام يتغير باستمرار ، وتظهر أنماط وأساليب جديدة. مع هذا ، يمكننا تغيير أنظمتنا الاستيعابية والتفسيرية. يجب اكتساب النوايا الحسنة ، وبدلاً من أن نصبح مزعجين ، يمكننا اختيار أن نصبح مفرطين في الحساسية حيث سنصبح أكثر تعاطفًا مع الواقع الوحشي ونمارس سلوكًا داعمًا ومضيافًا تجاه المجتمع العام والأشخاص من حولنا.
كان تأثير وسائل الإعلام على السلوك البشري مجالًا قابلاً للبحث وذاتيًا لا يزال قيد التجارب لاستنباط منطق مباشر بين تأثيرات الوسائط وعلم النفس البشري.
أرى أن عدم الوعي بما نشاهده هو ما يسبب ذلك. لذلك قد أقول أن الآثار السلبية مفروضة على الأطفال قصرًا وهم من يجب أن نتابع ما يشاهدونه ونعمل على توفير بيئة سليمة وصحية لهم.
أما البالغون فيقل أن يتأثروا بمختلف ما يشاهدون.وذلك لوجود رأي عليه مسبقًا سواء استعجاب أو استنكار الخ لذلك فإن الأطفال يجب أن يكونوا محور الاهتمام الأول لنبعد عنهم هذا المحتوى الضار بهم قدر الإمكان.
هل تعتقدين يا شيماء أن بعض الأعمال تؤثر أكثر من غيرها؟ أو ما يتحكم في تأثر الطفل بعمل عنف مثلًا عن عمل درامي؟
يووووه أظن أننا تجاوزنا مرحلة الأفلام والمسلسلات لمرحلة التأثر بالإنفلونسر .
يؤلمني هذا المشهد كثيراً وأنا أراه في أبناء الحيّ الذي أعيش فيه أو مع أبناء إخوتي.
أذكر أنني مرة قرأت مقالاً عن ارتفاع حالات الطلاق بسبب أحد المسلسلات الرمضانية ومدى تأثر الأزواج والزوجات بأبطال ذلك المسلسل.
يعني الأمر ليس مربوطاً بالأطفال والمراهقين فقط، حتى البالغين والناضجين قد تنقلب سلوكهم بسبب الأفلام والمسلسلات ومتابعة أحد المشاهير.
التعليقات