هناك عدة مشاهد رومانسية داخل المسلسل تستعرض علاقة حب شديدة الرومانسية والنعومة بين طرفين غريبين من بلد مختلف تنتعش لأنهم لا يعرفون بعضهم البعض حقاً بمنطق أن كل الأقطاب المتنافرة تتجاذب، وهو ما حدث فيلعب الخيال الرومانسي جانب ملتهب في جعل العلاقة بخيال كل طرف مكتملة (فلا أحد يرى العيوب للآخر) وتنتهي العلاقة بحسب ما شاهدت من المسلسل [دون أن تكتمل] فالفتاة هنا رغم كونها أحبت الشاب والشاب أحب الفتاة، ولكن تختار الفتاة أن تبتعد لتحافظ على العلاقة كما هي وهذا ما يزيد من سحرها ، لأصل لمفارقة تأملية غريبة .. قد يكون أفضل شكل للحفاظ على علاقة رومانسية وصورة متكاملة عن الحبيب هي بإنهاء العلاقة قبل أن تكتمل أو يفسدها الزواج بحسب المقولات الشهيرة من البعض (الحب ينتهي بالزواج) لأن الزواج يكشف الطباع الحقيقية ويمحي الصورة الرومانسية ، وهذا لأن الطريقة الوحيدة لرؤية حبيبك في صورة مثالية من الرومانسية! أن لا تكمل علاقتك معه لذا يبقى في ذهن الكثيرين الحب الأول .. لأنه ببساطة حب لا يكشف العيوب.. فهل تتفق مع هذا الرأي بأن الرومانسية تنتهي بالزواج؟
الرومانسية تنتهي بالزواج؟مسلسل 220 يوم
طبعاً أتفق مع ذلك وأنا من أنصار الحفاظ على الرومانسية ولذلك اؤيد أن لا يتزوج من يحبون بعضهم، حيث هي تتجوز شاب غيره وهو يأخذ فتاة غيرها وتستمر علاقة الحبيبين بعيداً عن الزواج هذا يبدو جميل جداً جداً!!!
بالتأكيد ما قلته سابقاً ليس إلا سخرية ليست منك بل من الفكرة نفسها، حيث اقتنعنا أن الرومانسية تعني الحب بكل دقيقة وقول الشعر والغزل و....، وأن الزواج والمسؤولية مفسدة لهذه الحلاوة، وبطريقة ما المؤثرات الخارجية من الأفلام وغيرها تصر على دعم هذه الصورة الغريبة، التي لا تتوافق مع دين أو خلق أو فطرة، وأنا عن نفسي أرفض ذلك تماما
بالعكس أنا لم أشعر بالنقد يا أسلام فما قلته يعد أسلوب ساخر محبب لي فأنت تنتقد طريقة التفكير وليس الشخص، وهذا مفهوم، والرومانسية ليست بالفعل
الحب بكل دقيقة وقول الشعر والغزل و...
ولكن تلك أدوات تعبر عنها ، فأنت لن تكون رومانسياً وفق الصورة الشائعة إلا بفعل ذلك، وإلا لماذا تحرص البنات مثلاً للحديث لمدة ساعات بالهاتف أو المطاردة المبالغ بها بالمكالمات إلا في محالة للتعبير عن الحب.
وبطريقة ما المؤثرات الخارجية من الأفلام وغيرها تصر على دعم هذه الصورة الغريبة، التي لا تتوافق مع دين أو خلق أو فطرة، وأنا عن نفسي أرفض ذلك تماما
أتفق مع هذا ولكن هل هناك طريقة لتصحيح تلك الصورة ، والسؤال الأهم كيف تكون رومانسياً بعد الزواج برغم العيوب التي تكتشفها عن شريكك والعيوب التي يتكشفها عنك؟
أعتقد أن هذه النظرة فيها ظلم كبير للحب وللزواج معًا. فالزواج ليس مقبرة للرومانسية من وجهة نظري، بل هو الامتحان الحقيقي لصدقها. صحيح أن الزواج يكشف الطباع الحقيقية، لكنه أيضًا يمنح فرصة للحب أن ينضج ويتحول من خيال حالِم إلى واقع ملموس فيه مسؤولية ودفء وأمان، والانجذاب بين طرفين الذي ينتج عنه زواج فاشل لا يمكنني أن أعتبره حب، لأنه كان مجرد اعجاب لحظي مبني على المظاهر فقط
الرومانسية تنتهي بالزواج؟
بالطبع نعم فأنا من أنصار هذا الرأي وعلى رأي مطصفى محمود لو أن قيسًا تزوج ليلى العامرية من أول شفغه بها لما أصبح مجنونًا ولوتوقف عن قول الشعر فيها ولربما قال الشعر يهجوها! كذلك، لو تزوج كُثيّر عزة عزة محبوبته لما مشى خلفها وخلف جملها الذي يحملها وراح يبكي وينشد الشعر فيها ويترجاها أن تتمهل وكذلك لما ذاب جميل بثينة بمعشقوته بثينة وقال فيها عيون الشعر الغزليّ ولتوقف ينبوع الشعر ولهجرته ربة الشعر ولم توحي إليه بشطر بيت! ما لم يجتمع الرجل و المرأة تحت سقف واحد ويتكاشفا يظل كل منهما لصاحبه لغز أو أرض بكر مجهولة تشوقه من بعيد دون أن يطأها بقدمه ويلعب هنا الخيال دوره في النفخ في المحاسن و تعظيم صفات المحبوب حتى لا يرى غيرها أو لا ترى غيره!
ولكن الإشكالية التي يطرحها الموضوع هنا صديقي خالد أن هل يقتصر تعريف الرومانسية في الشكل المتعارف عليه من الشغف الشديد في بداية العلاقات ومحاولة أن تبدو كحبيب مثالي يعيش أجواء الشعر والكلمات الرقيقة والموسيقى والأحاسيس المرهفة والحرص على إسعاد شريكك لأن هذا يعبر عن سعادتك عندما يشعر هو بالسعادة ، أم أن الرومانسية يعاد تدويرها بعد الزواج وتأتي بنموذج مختلف ؟
ليست فكرة الزواج نفسها هي التي تنهي الحب بل الأشخاص وطباعهم هم السبب في نجاح العلاقة أو فشلها هناك قصص حب كثيرة استمرت بعد الزواج وكانت ناجحة لأن الطرفين كانا مناسبين لبعض ويعرفان كيف يحافظان على مشاعرهما أما في الحالات التي ينتهي فيها الحب بعد الزواج فالأغلب المشكلة من البداية أن التوافق لم يكن حقيقيًا فكرة أن نتجنب الزواج فقط للحفاظ على صورة رومانسية مثالية فهي في رأيي مخالفة للدين لأن الزواج في الإسلام هو الإطار الطبيعي للحب والعلاقة بين الرجل والمرأة وهو وسيلة لبناء أسرة واستقرار وليس مجرد مرحلة عاطفية مؤقتة فالحب الحقيقي يظهر في قدرته على الاستمرار رغم معرفة العيوب والتعامل معها
أحترم جداً وجهة نظر الدين بالطبع وهي نقطة (غير قابلة للنقاش) ولكن ربما أنت أسأت فهمي لأن المقصود من الموضوع ليست بالتأكيد ممارسة الرومانسية بشكل خارج إطار الزواج، ولكن البحث في حقيقة كيف يمكن لنا الحفاظ على الرومانسية بعد الزواج ، أو بمعنى أدق كيف نثبت خطأ تلك الفكرة المتعلقة بأن الرومانسية تنتهي بعد الزواج، ولأن معظم العلاقات الخاصة بالزواج لا تكون بالضرورة قائمة على الحب والتفاهم بل في معظم الوقت النسب والتناسب المجتمعي ، فهذا الشخص سيتزوج لأنه يملك القدرة على الزواج ، وليس بالضرورة لكونه شريك مثالي، ومع ذلك يعيش الجميع تقريباً الحالة الرومانسية (الشكلية) قبل الزواج حيث يشتعل الفضول والشغف والشهوة في أكتشاف الطرف الآخر، لكن مع الزواج ينتهي كل ذلك .. لذا ما الذي يجدد تلك الشعلة في ظل عدم وجود الشغف نفسه أو الفضول ذاته أو نفس الرغبة بالطرف الآخر؟
بعض العلاقات رغم وجود الحب فيها لا تصل إلى الزواج لأن الحب وحده لا يكفي أحيانًا قد تكون هناك فروق في القيم أو الأهداف أو الظروف الاجتماعية تمنع الطرفين من الاستمرار أحيانًا يتعارض الحب مع الواقع فيقف العقل أو الظروف حاجزًا أمام القلب.ربما السبب أن الكثيرين يقدسون الحب الأول ليس لأنه الأجمل دائمًا بل لأنه بقي غير مكتمل وبالتالي ظل مثاليًا بينما الزواج يكشف الحب في صورته الواقعية .
بالضبط، لأن مفهوم الحب عندما يتخلص فقط في تصرفات شكلية وحدها مثل عشاء رومانسي ، و ورد ، و رقص وهدايا، وأتصالات تنهمر بها الكلمات الرومانسية، ومشاعر جياشة لحظية ، وتنسى المعانى الموجودة من خلف كل ذلك كله ( السكينة والود والحب وتلاقي الأرواح والتفاهم وتحمل المسؤالية) ، والذين هم من وجهة نظري طبيعة الحب الحقيقي ، حينها يجد الطرفين أنفسهم عند الزواج، عندما ينتهي بالتدريج الشغف المؤدي لممارسة كل المشاعر الرومانسية في مواجهة عيوب بعضهم البعض، فإن لم يتحقق المعنى الحقيقة الموجود من وراء الرومانسية والتي ذكرتها بأعلى وجد الطرفين في مواجهة عيوب بعضهم البعض، ويحول الأمر بالتدريج لكراهية بعضهم البعض بسبب نمط الحياة الشاقة وصعوبة العلاقات الإنسانية بوجه عام، لكن عند تحقق الشروط التي ذكرتها والتي يؤدي لها الفعل الرومانسي فتحقق منه ( السكينة والود والحب وتلاقي الأرواح والتفاهم وتحمل المسؤالية) فحتى لو أختفت الرومانسية فقد حققت الهدف من وجودها ، وهو ما يؤدي لاحقاً لإشعال شرارة الحب من جديد .
عدم معرفة أهمية الزواج ومسؤولياته يصنع العراقيل ويفسد العلاقات، العشق يحكمه الحب ويرتبط بالشهوة والرغبة، الزواج تحكمه الرحمة والمودة ويرتبط بالمسؤولية وإقامة الأسرة.
وما أعظم قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرجل أراد أن يطلق زوجته "لأنه لا يحبها" .: ويحك! ألم تبن البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم.
التعليقات