فيلم miller's girl: حظر عرض بعض الأفلام الأجنبية من العرض في دور السينما بسبب عدم مناسبتها للأخلاقيات والثقافة العربية، مع أم ضد؟

أنا تفق مع قرارات حظر المحتوى المؤذي للأخلاقيات العامة، ومع حماية الهوية العربية وطابعها المحافظ حتى لا يتأثر المجتمع بالتيارات الشاذة والمنحرفة، والأفكار السيئة، ونحن نعلم جميعا مدى تأثير الرسائل السينمائية في الأفكار السائدة في المجتمع حتى لو كانت مناعة المجتمع قوية، وبالطبع، هناك جوانب إيجابية لقرار حظر عرض الأعمال التي لا تتناسب مع الأخلاقيات والثقافة العربية منها حماية القيم والمبادئ من التأثيرات السلبية، وتعزيز حماية المراهقين والأطفال بحظ الأعمال التي قد تحتوي على محتوى غير مناسب للأطفال والشباب، مما يساهم في حمايتهم من التأثيرات السلبية.

بالتأكيد سأكون مع أي قرار يدعو أو يطبق أخلاقيات التلفزيون والإذاعة وبث المحتوى، ولو كان الأمر بيدي لكان الواقع نفسه بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع، فما بالك بالأفلام والمسلسلات والأعمال، ونحن على مقربة كبيرة من شهر رمضان الكريم وكنا قد رأينا العديد من الأعمال الفنية التي لا ترقى للمشاهد العربي المسلم، ولا تعبر عنه بأي شكل من الأشكال، أعمال فنية لا علاقة لها بالفن أسميها بالعفن ولو صرفت عليها مليارات الدولارات ولو صنفت وتحصلت على الأوسكار فهي تبقى عفنة كونها انسلخت من هويتها ومن دينها وأخلاقها.

فماذا عنكم؟ هل أنتم مع أم ضد قرار حظر عرض الأعمال التي لا تناسب الأخلاقيات والثقافة العربية؟

بالطبع أنا مع الحظر وخاصة تلك الأفلام تأتينا من بيئة لا تلائم بيئتنا في أشياء كثيرة. أعتقد أن تلك النوعية من الأفلام تعتبر غزو ثقافي رديئ ولأننا كوطن عربي ضعفاء ثقافياً ومادياً وحضارياً فلا نستطيع أن نفلتر الجيد من الرديئ ولذلك لابد من فلترة خارجية أي وصاية في تلك المنطقة الحساسة التي تتعلق بالأخلاقيات. ليس من الطبيعي أن نبتلع كل ما يبثه الغرب من لا أخلاقيات أو أخلاقيات مسمومة.

أنا أتفق تمامًا مع حظر أي أعمال فنية لا تناسب بيئتنا وأخلاقنا مهما كانت الأسباب وإن كانت هناك أعمال أخرى مخالفة لثقافتنا ولم تُحظر فهذا لا يعني أن نقبل بأي عمل مشابه، فأن يتم حظر بعض أفضل من أن يتم قبول الجميع، ثم إن الأفلام حاليًا تجاوزت مواضيع أخطر بكثير من الإباحية والمشاهد الجريئة وذلك عبر الرسائل المبطنة التي يتم تمريرها للمتلقي وخاصةً الأطفال واليافعين من توجيه للشذوذ وتقبل الأشياء المنافية لفطرتنا.

نقطة الأخلاقيات هذه نقطة عائمة وكأن ما نشاهده من أفلام عربية تعبر أصلا عن الشريحة الكبرى من المجتمع العربي، برأي هذه الطرق هي فقط لجعل الشعوب العربية تمتلك شيئا ما تعبر به عن نفسها وأنها ترفض أفكارا ما، وبشكل عام أنا ضد فكرة الحظر هذه لأنها لا تفيد لأن اغلبنا يشاهد الأفلام بالأساس على الانترنت سواء باشتراك في منصات أو عن طريق سرقة الأفلام من المواقع، فأين الحظر الذي يدعوه البعض هذا! فهو يفيد تلك النوعية من الأفلام وتجعل غير المهتم بها يريد أن يشاهدها بدفاع الفضول ليس إلا، وأخيرا لو سنتحدث عن الحظر فأوجب بالرقابة عندنا أن تهتم بجودة الأفلام العربية المقدمة وتجعل هنالك حرية في تناول الأفكار التي تخص مجتمعاتنا، أتذكر أن فيلم ناجي العلي لعاطف الطيب كان هنالك محاولات كثيرة لوقفة حتى من ياسر عرفات نفسه بحجة أنهم لا يريدون أثارة المشاكل. فلو كان هذا يحدث مع فيلم يتناول قصة حياة أعظم رسام تم اغتياله من قبل العدو فما بالك بأفلام عربية تم حظرها لأنها تحكي عن فساد منظومة أو شخص عربي!

هناك جانبين لهذا الأمر، أولها وهو ما أتفق معه أن هذه الأفلام وغيرها من المحتوى بالفعل لا يتماشى مع طبيعة شعوبنا المحافظة ومع ثقافتهم ودينهم ويتفق في هذا المنتمين للأديان المختلفة في المنطقة فلا أحد منهم يريد أن تكون السينما مكان ليرى أبناءهم محتوى جنسي أو غير أخلاقي وأن فكرة منع عرض بعض الأفلام أو قص المشاهد منها أو تغيير بسيط بالحبكة كما كانت تفعل سبيستون على سبيل المثال كل هذا أجده لا شيء فيه بل أشجعه، وهنا يأتي الجانب الآخر وهو عدم ثقتي من الأساس بأن المؤسسات والحكومات التي تمنع هذه الأفلام تهتم أصلًا بأخلاق الناس أو حريصة فعلًا على المحتوى الذي يشاهدونه بل بالعكس أرى أنها تساهم في أن ينتشر هذا المحتوى بشكل مباشر عن طريق السماح للأفلام والمسلسلات المحلية بوجود هذه المشاهد ونشر الرذيلة عبر شاشات التلفزيون ليلًا ونهارًا، لكن الحقيقة أن مثل هذا المنع يكون لحفظ ماء الوجهة وتحسين صورتهم أمام الناس فقط لا أكثر ولا أقل ولا علاقة له بالأخلاق على الإطلاق.

أنا مع فكرة احترام الثقافات والأخذ بعين الاعتبار ما يناسبهاوما يناقضها. لذلك هذا النوع من الأفلام لا يناسب ثقافتنا ولا بيئتنا ولا شريعتنا خاصّةً عندما نأخذ بعين الاعتبار غياب الرّقابة على هذا النّوع من الأفلام وهو ما لا يمنع مشاهدة الأطفال لها وهو خرق أخلاقي طبعًا. وإن قلت لي انفتاح سأقول لكِ هناك ضوابط يجب احترامها وعدم تخطيها خاصّةً ما يتعلّق بالثقافات المختلفة لأنّها تشكل هويتنا وانتمائنا.

ما يجعلني لا أتفق مع هذه القرارات بأنها تجعل المشاهدين يعيشون أوهام حقيقية في صدد ما يشاهدونه في السينما والتلفزيون، حين تقول هيئة ما أو وزارة ما بأن الفيلم الفلاني ممنوع لإنه لا يمثّل الثقافة العربية أو المبادئ العربية يعتقد المشاهد ولو بعقله اللاواعي الباطني بأن ما يشاهده عدا ذلك يمثّل الثقافة والمبادئ العربية، وهذا الخلط أصبح واضحاً في أدمغة الشبّان العرب حالياً، وما يثير للاستياء في هذه النقطة أن كل الدراما العربية التلفزيونية والسينمائية مشتقّة ومقتبسة باقتباسات شبه حرفية على مستوى القصة والصناعة من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والهند، نحن نشاهد سينما لقصص ليست لنا وأماكن لا تشبهنا بأحداث لا يمكن أن تحدث مع الشعب العربي ناهيك أن نتكلم على الأخلاق العربية التي يتمسّك فيها المشاهد والصانع العربي فيها بمثل لا يحملها في شارعه أصلاً ويحاكم عبر هذا الوهم منتجات الآخرين على الرغم من أنه يصنع أشباهها بالضبط! السينما والتلفزيون في العالم العربي قضية من أغرب القضايا على الإطلاق.

اتفق مع منع هذه النوعية من الأفلام حتى يدرك صانعوا هذه الأفلام أنها لاتلقى رواج في بلادنا العربية إذا كان ينوي بيعها في السوق العربي أو يدرك أن هذه الشريحة السوقية ليس له مكان فيها فالأمر صناعة في النهاية والهدف هو تحقيق الربح المادي، هذا من جانب.

من جانب آخر لابد أن نحافظ على هويتنا وثقافتنا العربية ونجبر الآخرين على احترامها والمحافظة على الأجيال القادمة وغرس هذه القيم لديهم وعدم التهاون أو التنازل عنها.

لكل ثقافة حدودها الأخلاقية واستعداداتها النفسية وحتى الادراكية، ليست كل الثقافات بنفس المستوى المعرفي والنفسي، وعلينا أن نحترم هذا تماما كما نحترم الإختلاف بين الأفراد العاديين.

هذا ليس تقليل من قيمة الثقافات التي لا تظهر إلى الواجهة كما يظن الأغلبية ، لكن هذا إحترام للخصوصية والتنوع الثقافي، فمهما كانت الثقافات فهي كلها على نفس المستوى من الأهمية في سلسلة التنوع البشري ، ولا فضل لواحدة على الأخرى لانه شئنا أو أبينا ، لا توجد ثقافة خالصة غير مشوبة بثقافات أخرى.

اؤيد الحظر بالتأكيد للعرض العام على المشاهدين ولكن في نفس الوقت لا يتم الحظر الكامل بمعنى أن هناك أشخاص مهتمين بالفنون ودراستها، يفضل أن يتم عرضها ولكن في أماكن محددة ولفئة معينة للدراسة والنظرة الفنية لطلاب معهد السينما مثلا، ما لا يؤخذ كله لا يترك كله، لابد التفرقه بين العرض العام وهذا مع رفضة بالتأكيد وبين الإستفادة الفنية منه للدراسة الأكاديمية

هذا من أهم المواضيع الشائكة التي يجب مناقشتها بحرص وفهم وعناية فما بين حرية التعبير عن الرأي وعدم لعب دور الحارس ، ومابين خطورة الأجندات التي يتم ترويجها في أعمال مختلفة تؤدي لمخاطر حقيقية على عقول الشباب والأطفال الفاقدين لفهم خطورة وحساسية ما يتعرضوا له من مواد (خطيرة أو ذات أفكار سامة) ومدفعوين بالفضول وحب التجربة نقف في الوسط عاجزين ، فالرقابة تلعب دور أكبر من دورها المفترض ، والمواد الفنية التي تحمل رسائل لا أخلاقية تزداد خطورة يوماً بعد يوم ، ولا يمكن معاملتها بنفس الطريقة التي تعامل بها الأفلام أو الأعمال الفنية التي تقدم فن حقيقي ((لذا نحتاج للتوازن)) من وجهة نظري ، بمعنى أن الرقابة إذا كانت ستمنع عمل يحمل رسائل لا أخلاقية خبيثة ويروج لأجندات محددة يحاول الغرب فرضها من خلال القوة الناعمة للسينما [فأنا مع قرار الرقيب] ولكن إذا كان العمل يطرح قضية شائكة بجرأة ولا يخاطب الغرائز بشكل صريح فأنا هنا مع طرح العمل ، ففي كل الأحوال يحصل المشاهدين على ما يرغبوه مع عرض الفيلم أو بدون ، ولكن الرقابة مثل المدرسة لا يمكن أن تجد مدرسة تسمح بتدوال المخدرات والسجائر أو تغض الطرف عنها (رغم أنه بالنهاية) يحصل الطلبة على ما يرغبون بشكل أو بآخر .. ونعم لقد قصدت هذا المثل بأن الرقيب كالمدرسة والمشاهدين كالطلبة .

أمنية شخصية لن تتحقق / أتمنى أن لا تكون هناك رقابة من أي شكل وأن يكون المشاهد على درجة من الوعي كافية ليقوم باختيار ما يحصل في الحقيقة وأن لا يتصرف مثل المراهقين الذين يقنصوا كل شيء خلسة