فيلم 3 idiots: " احفظ من أجل الامتحان" المبدأ الذي تسبب في تأخر وتراجع العملية التعليمية، كيف يمكن القضاء عليه؟

دائمًا نقول إنه لا بد من الفهم، ونعطي الأفضلية لمن يفهم على من يحفظ، ولقد كان لي نفس الترجيح في الماضي، ولكني حاليًا وصلت إلى قناعة مفادها أن الحفظ أيضًا مهارة مطلوبة ومحبذة بل وتفيد صاحبها أيضًا، وأحيانًا الحفظ يؤدي إلى الفهم، فلا يكون هناك غنى عنه.

وقد قال من السلف في أهمية الحفظ لطالب العالم:

قد أراد بعض الناس أن يمكروا بنا, فقالوا لنا : " إن الحفظ لا فائدة فيه, وأن المعنى هو الأصل, ولكن الحمد الله أنه أنقذنا من هذه الفكرة, وحفظنا ما شاء الله أن نحفظ من متون النحو وأصول الفقه والتوحيد, وعلى هذا فلا يستهان بالحفظ, فالحفظ هو الأصل, ولعل أحداً منكم الآن يذكر عبارات قرأها من قبل مدة طويلة, فالحفظ مهم لطالب العلم, حتى وإن كان فيه صعوبة."

- العلامة العثيمين رحمه الله.

الفكرة من كلامي أن السعي وراء القضاء على الحفظ وإعدامه تمامًا إستراتيجية لا تُحمد عواقبها أيضًا، التوازن مطلوب ومهم ومهم كذلك ترك مساحة للإبداع.

علينا أن نتجنب ثقافة الاختيار والمقارنة في مثل تلك الأمور التي في كلا جانبيها نفع، فليس الأمر هذا أو ذاك، وإنما الأمر يتعلق بأخذ النفع من كل جانب.

هذه السنة تفاجأت أن جميع المواد كلها مبنية على الحفظ والتلقين، وليس على الفهم والتركيز، واستحضرت أن هذه التجربة التعليمية فاشلة لأبعد الحدود، ولكن لا شك في أن الاعتراف بأن الطلاب يختلفون في أساليب تعلمهم فبعضهم قد يستفيد أكثر من الحفظ في حين يحتاج آخرون إلى تفهم أعمق، يساعد في إنشاء بيئة تعلم متنوعة وشاملة من خلال الحفاظ على التوازن بين الحفظ والفهم يعزز تقبل الطلاب للعملية التعليمية ويسهم في تحفيز الفضول والتفاعل.

ولكن أين يكمن الخطأ الذي تسبب في جعل العملية التعليمية كلها قاصرة على مبدأ الحفظ من أجل الامتحان؟ 

المنظومة التعليمية ككل، والتي تولي الإهتمام الأكبر للدرجات وللآداء النظري النموذجي الذي لا يعطي الطالب المساحة اللازمة ليفكّر ويناقش في غالب الأحيان، بل يؤدي الطالب دور المتلقي طوال العام، ثم الحافظ في الإمتحان، ليأتي الطالب في النهاية عاجز عن ربط ما تعلمه بالحياة العملية، حيث عاش طوال عمره يتعلم ما هو مفصول عن نطاق حياته وتفكيره واهتمامه.

ونجد أنه فيما إذا كانت الجامعة تحاول إشراك الطالب في النقاش والحوارات المفيدة والبناءة، تجد الطالب نفسه غير مستعد لذلك بسبب اعتياده على أسلوب المدرسة الذي يقصي دوره ورأيه بشكل تام، لذلك ينبغي النظر بشكل شامل للمنظومة التعليمية منذ الإبتدائي وحتى التعليم العالي.

كيف يمكن القضاء على تلك المشكلة واستبدال النظام الحالي بنظم تدريس وتقييم أفضل ؟

• أعتقد أن الإستثمار الصحيح والمستمر في مجال التعليم هو الحل، لا تحاول إقناعي أن دولة توزع أقل الميزانيات على التعليم ولا توليه الأولوية هي دولة تمتلك نظام تعليمي ممتاز وذو كفاءة، إذا لم تهتم الدولة فكيف سيهتم المعلم والطالب؟
• الحل الآخر هو رفع الوعي، وتوعية الكادر التعليمي وتدريبه على التفاعل البناء مع الطالب لتحقيق أقصى استفادة من المواد التعليمية، وأن لا تصبح مهنة المعلم هي التلقين والتقييم فقط.
• الإستفادة من التجارب التعليمية الرائدة عالمياً وإضافة وتغيير ما يلزم في النظام التعليمي بشكل يستوعب متطلبات الطلاب والدولة.

أنا دائما ضد فكرة الخريج من الجامعة لا يملك خبرة في العمل.

الخبرة تمتلكها في شهر إذا اتيحت لك الفرصة للعمل أصلا , في العالم العربي من يحصل على العمل اما من الوساطة او حصل عليه من توفيق الله.

بصريح العبارة الخبرة تحصل عليها اذا اتيحت لك فرصة للعمل.

أنا كنت اعمل في IT و الان سوف اعمل مندوب مبيعات و لا افقه شيئا في المجال لكني مند شهر من العمل اكتسبت مهارة.

لن نستطيع التغلّب على الأمر بشكل تام، هذه العملية التعليمية تحتاج جهود الأمة كلّها لكي تُزال، هذه عقلية يجب أن يتم تغييرها بالكامل، ولكن برأيي مازال هناك مساحة للبدء بهذا التغيير ولو من دوائرنا الصغيرة، وهذا عبر أن نقوم بممارسات تساعدنا فعلاً على تجاوز هذه العقلية، عقلية الحفظ الصمّ، كيف يكون ذلك كطلّاب ومدرّسين؟ برأيي يتم ذلك بتبنّي هذه الوسائل والطرق البسيطة ذات المفعول الكبير، مثلاً كالتعلم النشيط ذي التفاعل بدلاً من المحاضرات السلبية! وهنا سيضطر المحاضر والطالب من استخدام أساليب مثل المناقشة والمناظرة ولعب الأدوار للتفاعل بشكل مميز في التعلم!

وطبعاً يجب دائماً تصيّد المتفاعلين، يعني تشجيع التساؤل والتفكير النقدي، أن نقوم بإنشاء مساحة آمنة للطلاب لطرح الأسئلة وتحدي الافتراضات واستكشاف وجهات نظر مختلفة وهكذا، وأن نتصيّد من يتفاعل لنبرزه أمام أصدقائه فيتبعوه، ويجب بكل تأكيد استخدم التكنولوجيا، هذا الزمان وأدواته يجب أن يكون متواجد في الصف، لا أن نعود بالزمن حين ندخل!

في رأيي الشخصي أنه يمكننا النظر إلى أنظمة التعليم التي تركز بشكل كبير على الحفظ كنتيجة للتقييمات القياسية والضغط المستمر على الأداء. يجب أن يكون هناك تحول نحو نظم تعليمية تشجع على التفكير النقدي وتطوير المهارات العملية. إذ يمكننا تعزيز التعلم الفعّال من خلال تبني أساليب تدريس تحفز الفهم والتطبيق العملي، بدلاً من التركيز الحصري على الحفظ. والملفت للنظر أن إدماج أنشطة عملية ومشروعات عملية يمكن أن يسهم في تطوير المهارات العملية التي يحتاجها الطلاب في سوق العمل. كما يمكن الاستفادة من تنمية ثقافة التعلم المستمر وتقديم فرص للتطوير الشخصي والمهني بما يتناسب مع احتياجات السوق. السؤال هنا هو هل ترين أن التغيير في أسلوب التعليم يحتاج إلى تعاون مشترك بين المدارس والمؤسسات والحكومات؟

الخطأ هو خطأ جدودنا الذين كانوا يرون العملية التعلمية تنحصر بالنجاح فقط, لم يكن يهم حقيقة نوعية التعليم المقدم حيث يكفي أن تنجح ليقال أنّك متعلم. في الماضي لم يكن هناك تركيز على تطوير مهارات التحليل النقدي لدى التلميذ التي تكسبه القدرة على فهم الأمور بشكل عميق وقد انتقلت هذه العملية المشوهّة حتى الجيل الحالي. ما يعطي القيمة الحقيقية للتعليم هو فهم الهدف العملية التعلميّة:

ليس الحصول على أعلى العلامات

ليس حفظًا كلمة لكلمة

هو ببساطة الغوص إلى قلب الأمور وفهمها بشكل يتخطى القشور حتى يصل المتعلم لقلب الأمور.

يكمن الخطأ الذي تسبب في جعل العملية التعليمية كلها قاصرة على مبدأ الحفظ من أجل الامتحان في عدة عوامل، منها:

1. النظام التعليمي التقليدي: والذي يعتمد على المعلم كمحور العملية التعليمية، حيث يقوم المعلم بتلقين المعلومات للطلاب، دون إشراكهم في عملية التعلم.
2. الامتحانات التقليدية: والتي تعتمد على قياس كمية المعلومات التي حفظها الطالب، دون قياس قدرته على فهمها وتطبيقها.
3. ثقافة المجتمع: والتي تركز على الدرجات المرتفعة في الامتحانات كدليل على النجاح.

ولكي يتم القضاء على تلك المشكلة واستبدال النظام الحالي بنظم تدريس وتقييم أفضل، يجب العمل على تغيير هذه العوامل، وذلك من خلال:

• يكون الطالب محور العملية التعليمية، ويتم إشراكه في أنشطة تعليمية متنوعة تساعده على التعلم والفهم.
• التركيز في الامتحانات على قياس قدرة الطالب على فهم المعلومات وتطبيقها، وليس قياس كمية المعلومات التي حفظها.
• تغيير ثقافة المجتمع بحيث تركز على أهمية التعلم والفهم، وليس فقط الدرجات المرتفعة في الامتحانات.

وإذا تم العمل على تحقيق هذه الأهداف، فإن ذلك سيؤدي إلى تغيير جذري في العملية التعليمية، بحيث تصبح أكثر تركيزًا على التعلم والفهم، مما سيؤدي إلى إعداد خريجين قادرين على التفاعل مع متطلبات سوق العمل وتحقيق النجاح في حياتهم المهنية.