في أوقات الأزمات الاقتصادية غالباً لا يفكر المرء سوى بكيف يتدبر أمر معيشته، لتصبح فكرة "البحث عن الذات" فكرة عبثية ، ولكن "فيرن" والتي لعبت دورها الممثلة الأوسكارية فرانسيس مكدورماند، كان لها رأي آخر ، فيرن التي كل شيء كان ينهار من حولها، رحل زوجها، أُغلق المصنع الذي كانت تعمل به، حتى بيتها ضاع منها بسبب القروض!

تقول فيرن "من الغريب أنكم تشجعون الناس على استثمار مدخرات حياتهم بالكامل، والدخول في الديون، فقط لشراء منزل لا يستطيعون تحمل تكلفته."

وعلى الرغم من إنها في الستين من عمرها لكنها لم تستسلم، بل غيرت نمط حياتها بالكامل، واختارت أن تكون من الرحالة، سيارة صغيرة بدل البيت، وظائف موسمية بدل الوظيفة الثابتة، وأغراب يصبحون أهل وأصدقاء.

وهنا يطرح الفيلم سؤالًا يبدو شديد الواقعية لنا أيضًا، هل ما نعيشه اليوم طبيعي فعلًا؟ أن نلهث خلف القروض، ونستنزف أعمارنا في أعمال مرهقة، فقط لنحافظ على ما يُسمى حياة مستقرة؟ أم أن الجنون الحقيقي هو أن نستمر في هذا السباق بلا توقف، بينما نفقد ذواتنا شيئًا فشيئًا؟

لو تأملنا واقعنا، نجد أن الأزمات الاقتصادية عندنا تكشف كثيرًا عن الناس، منهم من يستسلم تمامًا، ومنهم من يعيد اكتشاف نفسه ويبدأ من الصفر، وآخرون يكتشفون أن قيمتهم لا تتحدد بما يملكون، بل بما يستطيعون خلقه من جديد.

قد لا نختار جميعًا حياة الترحال مثل فيرن، لكن ربما يكون الحل في أن نصنع توازنًا: أن نتوقف قليلًا، نبحث عن ذواتنا وسط كل هذه الضغوطات والأزمات الاقتصادية.