فيلم 127 ساعة: كيف يمكن للإنسان أن يقطع اليد التي تؤلمه؟

اظن أن الخطوة الأهم والتي تساعدنا على اتخاذ قرارات قاسية كقطع اليد التي تؤلمنا هي النظر للتبعات المستقبلية لعدم اتخاذ هذا القرار. ففي مثال صديقتك المتزوجة مثلا إذا فكرت قليلا في مستقبلها ومستقبل أطفالها إذا كان لديها أطفال أو إذا ستنجب، فماذا سيتعلم الأطفال من أبوهم؟ وهل إذا خير بين الإنفاق على أسرته أو شراء المخدرات سيختار أسرته؟ وهل هم آمنين أصلا وهو يعيشون معه؟ كل تلك أسئلة اجاباتها تجعلها تدرك أن الألم الذي ستشعر به عند قطع يدها (الطلاق) هو ألم لحظي لا يقارن بالألم الذي سيلازمها طوال حياتها إذا لم تتخذ هذا القرار

أرفض هذه الفكرة تماماً، ألم يكن بإمكانه نزعها فتصاب فقط بدلاً من قطعها ؟ ألم يكن يصبر فيحاول كسر أو زحزحة الصخرة، هذه أرى أنها ثقافة استسلام، اليد التي تؤلمني اعالجها اصبر عليها أخذ لها مسكن اتكيف معها أو.... ثم يكون آخر الحلول قطعها.

وإلا من يرهقه الاستيقاظ مبكراً للعمل فسوف يتركه من يتعب من ممارسة الجري فستقتله السمنة والصحة السيئة، أرفض فكرة الاستسلام بصراحة وأرى أن علينا السعي للخروج بأقل خسارة أن كان لا يمكن لنا التكيف

لأن بتر اليد هو العائق الوحيد أمام الحياة .. لذا تتلخص الفكرة بالكامل هو إتخاذا القرار المناسب في الوقت المناسب وتحمل العواقب مهما حدث

ارون رالسون ولجوءه لقطع يديه كان مجبرًا على ذلك، لا خيار أمامه للنجاه سواء قطع اليد، حتى أن مثل هذا التصرف قد يؤدي إلى موته، ولكن هذا هو الخيار الوحيد والذي قد يكون من احتمالاته النجاه.

أما الموقف الذي ذكرتيه حول صديقتك، فالزوجة ترى بأن زوجها قد يتغير في يوم ما، و هنا الخيارات أمامها كثيرة للعلاج مثل هذا السلوك. عل كل عندما أرغب في اتخاذ قرار صعب، أقوم بوضع ايجابيات وسلبيات هذا القرار ، وهل هنالك بدائل للامر، مثلا لو فكرت في ترك العمل، هنا أضيف مميزات وسلبيات تركه، وأبحث عن بديل هل يمكن بالفعل أجد عمل بعد الاستقالة أم سأنتظر وأجثو في مكاني!

قد تكون القدرة على اتخاذ قرارات صعبة في الوقت المناسب مهارة لا تتوفر لدى الجميع

جملة الوقت المناسب تفتح الباب أمام حيرة كبيرة، فما هو الوقت المناسب؟ لو نظرنا للفيلم كمثال فقد ظل المغامر 127 ساعة أولاً يحاول الخروج قبل أن يحسم القرار بقطع يده، فلو علم مسبقاً أنه لن ينجح لاتخذ القرار في وقت أبكر كثيراً من ذلك، لكنه لم يعرف أنه لن ينجح إلا بعد أن أمضى 127 ساعة من المحاولات الفاشلة، كلمة الوقت المناسب معضلة كبيرة!

أظن أن المسألة لا تتعلق بالقدرة على القطع بقدر ما تتعلق بالوصول إلى لحظة الإدراك بأن البقاء في الألم أشد قسوة من الفقد. الإنسان لا يقطع ما يؤلمه إلا عندما يُدرك أن الألم قد تجاوز حدود الاحتمال، وأن التمسك لم يعد شجاعة بل استنزاف. اللحظة الفارقة ليست حين نُقدم على الفعل، بل حين نُصدق أننا نستحق النجاة حتى وإن كانت مؤلمة. فبعض الخسارات ليست إلا بوابة حياة جديدة.