من أجمل عبارات أحمد زكي جملته التي قالها لأحمد مظهر في فيلم النمر الأسود: الحاجات بتيجي أول ما نبطل ندور عليها أو نستناها، المشكلة بقى هل لم تيجي هنكون لسه جوانا نفس الشغف؟

قبل مناقشة الجملة دعونا نراجع مفهوم الشغف Passion هو شعور بالحماس الشديد أو رغبة لا تُقاوم تجاه شخص أو شيء ما، ويمكن تعريفه بأنه اهتمامًا متلهفًا أو إعجابًا بفكرة أو مُقترح أو دعوى ما أو شعور حماسي تجاه نشاط أو هواية، وقد يصل إلى حد الانجذاب الشديد والإثارة والعاطفة تجاه شخص ما.

ولكن من وجهة نظر الباحث روبرت جاي فاليراند؛ فالشغف هو ميلٌ قويٌ نحو نشاطٍ ما بذاته، يستثمر الإنسان فيه وقته وجهده إيمانًا منه بأهمية هذا النشاط أو حباً فيه، وتأتي أهمية الشغف بممارسة الإنسان لأنشطة معينة تعمل على تشكيل الملامح الأساسية لهويته بشكل أو بآخر.

إذن محور نقاشنا سيدور حول نقطتين: أولهم شغفنا تجاه الأشخاص، وثانيًا شغفنا تجاه الأشياء سواء أهداف أو وظيفة أو حتى هواية.

1- الشغف المرتبط بمشاعرنا تجاه شخص معين

بما أن مشاعر الإنسان مرتبطة بالقلب، والقلب متقلب؛ فأنا من مؤيدين مقولة أحمد زكي، وأعتقد أننا سنفقد شغفنا تجاه أيّ شخص انتظرناه طويلًا، وبالنسبة لعلماء النفس؛ فالبشر لا يعرفون قيمة من يحبوهم حقًا إلا بعد ابتعادهم عنهم، ولهذا السبب لو حاولوا الفوز بهم مجددًا سيجدون من كانوا ينتظرون إشارة واحدة منهم لا يفرق معهم وجودهم من عدمه.

2- شغفنا تجاه الأشياء المعنوية

شغفنا تجاه الأشياء المعنوية أصعب؛ لأن العقل والقلب -معًا- اتفقوا لأول مرة على شيء ومن الصعب فقدان شغفهم تجاهه إلا في حالات معينة، ولنفترض مثلًا أنك شغوف بمهنة التمثيل، وحياتك كلها متوقفة على تجارب الأداء، ولكنك سئمت من الانتظار فتركت الحلم والشغف جانبًا وبدأت عمل أخر وأصبحت ناجح جدًا فيه، وهنا طرقت فرصة التمثيل بابك، ولكن نجاحك الحالي سيعطي إنذار لعقلك وقلبك بالتخلي عن شغفك من أجل الحفاظ على ما وصلت إليه.

دعوني أختم معكم بقصتي مع الكتابة

أنا من هواة كتابة المقالات في كل المجالات، في السياسة والاقتصاد، ونقد ظواهر المجتمع المستفزة، وأهوى كتابة المقالات التي تناقش قضايا إنسانية وتشجع قرائي على التغيير الإيجابي، ولكن في 2018 بدأت في نشر أخباري على موقع الجمهورية أونلاين، في البداية كتبت في قسم الخارجي، ولكن -كما أخبرتكم من قبل- قال رئيسي: زملائنا في قسم الخارجي استاءوا لأنك تحصلين على الأخبار الحصرية قبلهم، وشجعني على كتابة المقالات، وقال: أنتِ تكتبين مقالات أفضل من رؤساء التحرير؛ لذا ركزي في كتابة المقالات ولا تُهدري موهبتك.

شعرت بالاستياء، ولأول مرة أشعر بفقدان شغفي تجاه الكتابة لأن ببساطة أصبحت مُجبرة على تسليم مقالة أو اثنين أسبوعيًا؛ فالإبداع كالحب بالضبط يختفي لو حاصرته بالقيود والوقت.

الآن أخبروني آرائكم هل الانتظار يُفقدكم شغفكم تجاه الأشخاص والأهداف؟ وهل الحياة تحب اللعب معنا وتعطينا ما نريد في اللحظة التي نفقد فيها الأمل في امتلاكه؟