ليس من السهل أن نلاحظ علامات الانهيار حين تكون مغطاة بالإنجازات. تبدو الأمور على ما يُرام: المهام تُنجز، الاجتماعات تُدار، الرسائل تُجاب، والأهداف تتحقق. لكن ما لا يُقال، ما لا يُلاحظ، هو الثمن المدفوع داخليًا.
في علم النفس، هناك ما يُعرف بـ"القلق الإنتاجي": حالة مزمنة من القلق المقنّع بالكفاءة. يبدو فيها الشخص ناجحًا ومتفوقًا، بينما ينهار على نحوٍ غير مرئي. إنه الإنهاك الذي لا تظهره المؤشرات، لكنه يُخدر المشاعر، يُفقد المتعة، ويحوّل الحياة إلى سباق بلا خط نهاية.
نعتقد أننا ننجو بفضل التنظيم والتحفيز وتحديد الأولويات، لكن في الحقيقة نحن نؤجل الانفجار. الإنجاز هنا يصبح وسيلة للهروب، لا للتطور.
نوع راقٍ من الدفاع النفسي: نغرق في العمل كي لا نغرق في أنفسنا.
والمجتمع؟ المجتمع يُكافئ هذا القلق. يُكرّس فكرة أن من لا يتوقف أبدًا هو الأجدر بالإعجاب. يُمجّد العمل المفرط، ويحتفي بالإرهاق وكأنه شارة شرف.
الإرهاق لا يظهر دائمًا على شكل انهيار. أحيانًا يظهر كفتور دائم. كجفاف داخلي. كفقدان القدرة على الفرح.
وهنا، تبدأ أخطر أنواع المعاناة: تلك التي لا نملك لها اسمًا واضحًا، لكنها تسرق منّا الحياة ببطء.
فما قيمة النجاح إذا جاء على حساب الشعور بأننا أحياء فعلًا؟
التعليقات