تأثير بن فرانكلين: صُنع الجَميل يحقق المعجزات

في المجتمعات الحالية التي تميل الى الاستهلاكية والانانية والعمل بالمقابل هذه الحيلة تعتبر حيلة سخيفية جدا ، وهذا ليس نقد لك يا رغد ، بل هو محاولة لوضع مثل هذه الحيل التنموية في نصابها الحقيقي.

واذا كنا مدققين أكثر فسنجد هذه الحيلة لا تصلح حتى للمجتمعات القديمة مثل مجتمعات القرن ال19 والعشرين مثلا، لانها مبرمجة على المشاركة والعطاء بدون اي مقابل وبدون اي عناء ولا حتى طلب عكس مجتمعات اليوم .

تدرج هذه الحيلة في الممارسات النفسية من التلاعبات النفسية لتحقيق السيطرة على الشخص وهي جزء صغير من قواعد الغواية ، تستعمل في تحقيق الطلبات وهي لا تطبق بالشكل الذي عرضته يا رغدة...

تطبق الحيلة على الشكل التالي:

• اولا اختيار الشخص المستهدف لتطبيق الحيلة وليكن شخصا جديد مثلا.
• ثانيا معرفة ما ستطلب منه ، لنفرض أنك تريده أن يعرفك على صديقه المهم وهناك احتمالية ان يرفض .
• ثالثا تخيل طلب صغير جدا وتاففه مقارنة بالطلب الأول، وليكن مثلا أن تطلب منه أن يعيرك منديل ورقي أو قلم .
• رابعا بعد ان يؤدي المهمة الأولى اطلب منه المهمة الثانية ويستحيل ان يرفضها، لانه قدم لك الخدمة الاولى بالفعل فلن يستصعب الثانية.

هل سبق أن مارست أنت أيضًا هذه التجربة من قبل؟ وكيف يمكنك استخدام هذه الحيلة النفسية لتطوير علاقاتك؟

ربما نحن مارسنا هذه التجربة من قبل دون إدراك منا، فقد كنت في السابق أطلب من زميلاتي مساعدتي في الفصل وحل المسائل المستعصية علي، وفي المقابل كنت أساعدهم في أمور أخرى ومواد أخرى، وبهذه الطريقة ومع مرور الوقت أصبحنا صديقات.

لكني أرفض ذلك يا رغدة، لا يمكننا حصر علاقاتنا بإستخدام هذه الحيل، شخصيا أبادر لأن أفعل الخير وأساعد الأشخاص الذين أرى فيهم من الطيبة ويكسبون ثقتي بها فأفعل الخير معهم لا لشيء ولكن مرضاة لله، وهم بلا إرادة سيصبحون ممتنين لك وسيتقربون إليك أما لو يحس أحدهم بأنك تفعل أمرا كي يعود إليك فسوف ينفر منك بكل بساطة، لذلك لا أعتبرها ناجحة في جميع الأصعدة.

بالنسبة لي شخصية بن فرانكلين مؤثرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وقد ترك أثرًا كبيرًا في العديد من المجالات، بما في ذلك الفن والأدب والفلسفة وغيرها. و كان معروفًا بحكمته وتصميمه القوي.

بالنسبة للحيلة التي تحدثت عنها، لا يمكن أن تصلح في كل الأوقات، أيضا يمكننا ان نطور علاقتنا بالأخرين بدون استخدام للحيل والخداع، وذلك من خلال تحسين قدرتنا على التواصل عن طريق تمرين التحدث مع الآخرين والتركيز على الاستماع بشكل فعال، واستخدام الإيجابية في اتصالاتنا مع الآخرين وتحديد الأهداف المشتركة والتعاون على تحقيقها.

هذه الطريقة هي استراتيجية تعتمد على مفهوم تبادل اللطف والمعروف، قد تكون هذه الحيلة فعالة في بعض الحالات، ولكن قد تختلف النتائج من شخص لآخر.

يجب أن يتم استخدام هذه الاستراتيجية بروح الصدق والتعاون، وعدم استغلال الآخرين بأي شكل من الأشكال. من المهم أن يكون الطلب صغيرًا ومعقولًا، وأن يتم تقدير الجهود التي يبذلها الشخص الآخر لتلبية الطلب.

ومع ذلك، يجب أن ندرك أن هذه الطريقة ليست مضمونة النجاح في جميع الحالات. قد يتفاعل الأشخاص بطرق مختلفة، وقد يشعرون بأنهم يتم استغلالهم أو ينظرون إلى الطلب كأمر مزعج.

علينا أن نعتبر هذه الاستراتيجية كأداة إضافية في التعامل مع الناس وبناء العلاقات الإيجابية، ولكن يجب أن نكون حذرين في استخدامها وأن نحترم مشاعر الآخرين وحدودهم.

هل سبق أن مارست أنت أيضًا هذه التجربة من قبل؟

بالفعل استخدم هذا التأثير في حياتي الشخصية، فهو له تأثير كبير حقا على الطرف الذي تساعده، لأنك تظهر له ان تساعده في الوقت الذي يحتاجك حتى لو كانت تلك المساعدة صغيرة، فلها تأثير كبير على أغلب الناس، وبالفعل هذا الأحظه وجربته بالفعل قبلا.

منذ ثلاث سنوات قرأت عن تأثير فرانكلين، وقد قررت أن أجربه مع شخص لا يحبني كثيرا، في مساعدة صغيرة قمت بها له، الأمر تغير تماما من ناحيته، ولكن هذا لا ينفي أن هذا الاسلوب لا ينفع دائما فحصل لي شيء معاكس كذلك، فبعد أن ساعدت شخص كنت أظن أنه صديق اعطاني ردة فعل مختلفة، ظنا منه أني أتجمل عليه وأود أن يكون لي جميل عليه.

كيف يمكنك استخدام هذه الحيلة النفسية لتطوير علاقاتك؟

بالفعل كما ذكرت سابقا لقد استخدمتها واثبتت نجاحها، ويمكنني أن استخدمها عند الحاجة، ولكن في الفترة الحالية لا استخدمها لعدم حاجتي لها.

لا أميل إلى هذه الطريقة في بداية أي علاقة أو حتى في تعميق أي علاقة، أشعر بأنّها تبدو كتلاعب وخداع واضح للطرف الآخر، مثلاً إذا طلبت معروف من شخص ما فقط لجعله يحبني، يمكن اعتبار ذلك تلاعب بقاموسي، لماذا؟ لإنّني لا أحب أن أعامل بالمثل، ويمكن استخدامها للاستفادة من الناس، إذا تم استخدام تأثير بن فرانكلين للاستفادة من الناس فقد يكون هذا غير أخلاقي بعرفي، لإنّه كمن يوظّف أساليب نفسية لغسل عقول الناس وإغوائهم، الصراحة أليست افضل؟

هذا عدا أنني أراها أمر يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، إذا تم استخدام تأثير بن فرانكلين بشكل غير صحيح فقد يأتي بنتائج عكسية. مثلاً إذا طلبت معروف من شخص ما ورفضه فقد يؤدي ذلك في الواقع إلى جعله يكرهني أكثر أو يتجنّبني. بشكل عام يمكن أن يكون تأثير بن فرانكلين مفيد لبناء العلاقات والحصول على الخدمات، لا أنكر ذلك، على أننا يجب أن نقوم باستخدامه بشكل أخلاقي وعدم التلاعب بالناس وهذا صعب برأيي إذا حصرنا أدمغتنا ضمن هذا النموذج حصراً.

صراحة فقد أعجبتني هذه الحيلة نظرا لمقاربتها لموضوع كسر الجليد في العلاقات الإنسانية بطريقة جديدة.وأنا أتذكر أنني بالفعل قد استخدمت هذا الأسلوب لعدة مرات وقد أعطى الأمر نتائج جيدة وواعدة. والجميل في الأمر أنّنا لا نضطر للانطلاق من خلال محادثة قد نفشل كثيرا في ابتدائها. فأن نطلب طلبا بسيطا هو أمر غير شاق أبدا ويبدو طبيعيّا وعفويا للشخص الآخر بخلاف المحادثة التي قد تبدو مصطنعة. لربما قد يعتبرها شخص آخر حيلة لا طائل منها إلّا أنّني ومن خلال تجربتي فالانطلاق من خلال العمل على الجانب النفسي للعلاقات يفيد كثيرا. وبخصوص هذه الحيلة فإنّ فرانكلين انطلق من فكرة أنّ الطلب بعينه يعمل على إذابة الجليد من خلال غرس فكرة مفادها أنّ هناك نوعا من التحاب بين الشخصين ( فعادة نحن نطلب ممكن نحب وليس من الأغراب).