بمناسبة اختبارات الثانوية العامة وبكاء الطلاب وانتظار النتجية، هل تتذكرون يومًا انكم قمت بالتحقير من شئ لأنكم لم تحصلوا عليه؟ أنا شخصيًا اتذكر أنني فعلت ذلك، كان أمل عائلتي أن ادخل كلية الهندسة وهو ما لم اكن اريده، وفي محاولة لجعل الأمر يبدو عاديًا كنت اقوم بالتحقير من كليات القمة بشكل عام، واسخر من الأمر، ماذا هنالك إن لم اكن في كلية قمة؟ هل انتقص ذلك مني شئ؟ وهل زادت كلية القمة في صديقتي شئ؟ كانت دائمًا إجابة المحيطين نعم لقد أصبحت طبيبة!
إلى أن لاحظت أنني اميل للتحقير من شأن هذه الكليات من كثرة الضغط الذي الاقيه في تحقير بقية الكليات التي ينتمي مجموعها إلي! فبدلًا من أن اهنأ صديقتي مثلًا استخففت بمنجزها، استحففت بقدرتها الجيدة جدًا على التحصيل في نظام دراسي كهذا -والذي لا يناسبني مطلقًا بالمناسبة-، ولم ادرك أنه لا مشكلة أن اكون مختلفة عنها ... حتى اكتشفت أنني احقر من أشياء كثيرة إن لم احصل عليها، بدلًا من تشجيع الاشخاص الحاصلين على هذه الأشياء!
ما هو جذر المشكلة إذن؟ الجذر كان عدم تقديري لحريتي الشخصية في اختيار مسار مخالف، في كوني مختلفة عن صديقتي التي أصبحت طبيبة، ولإخفاء هذا الشعور بانعدام القيمة كنت اقوم بالسخرية من الانجازات ككل! إلى أن تعلمت أنه لا بأس لو كان لدي نمط مختلف، لا بأس ان شجعت نفسي وصفقت لنفسي وعليه تعلمت التصفيق للآخرين وتشجعيهم أيضَا واحترام مسار حيواتهم!
والحقيقة أنني لم اجد نفسي وحدي في هذا، كل الاصدقاء في الكليات العادية كانوا يقولون كلامًا حتى ربما اقسى من كلامي، يبدو أن السخرية والاستحقار للإنجازات ظاهرة حقيقية، ويبدو أن جزء من السبب لهذه الظاهرة المجتمعية كان تعالي بعض منتسبي هذه الكليات أيضَا فساهم هذا في تأجيج التشاحن بين الناس!
ربما كان من الأولى بنا أن نتعلم احترام قدراتنا ومسارات حيواتنا بدلًا من لوم الآخرين على انجازاتهم، حتى أنكم ستجدون هذا السلوك كثيرًا في كلمات، لا تفرح بنفسك، ماذا تكون قد فعلت؟ هل تسمي هذا انجازًا؟ في الوقت الذي تنتظر فيها تشجيعًا ممن حولك، كلها كلمات فيها تثبيط للهمة بشكل رهيب، ويجب أن يتغير حقًا!
التعليقات