خلال مسيرتي المهنيّة المتواضعة، مررتُ بالعديد من الأزمات والانتكاسات التي حاولت مواجهتها بحكمة وتروّي، وفي النهاية انتصرت أمامها. إلّا أنّني ولا يمكن أن أنس يومًا فقد كانت الأزمة الوحيدة التي لم تمرّ مرور الكِرام هي المعضلة الأخلاقية (ethical dilemma) التي واجهتها مع أعلى هرم في الشركة: الإدارة التنفيذيّة.

ففي الوقت الذي تواجه فيه أزمة المهمّة الصعبة التي أوكلها إليك المدير بالتدريب والاستفسار وأزمة الأجر المتدني بطلب الزيادة أو الاستقالة، فإنّ الأزمات الأخلاقية تضعنا أمام صراع بين المثل والقيم والعليا وبين الرّغبة بالقيام بأمرٍ ما حيث يصبخ السؤال: من سينتصر؟

في العام 2019، كنت أعمل كموظفة في قسم الموارد البشرية لإحدى الشركات الشهيرة بالإضافة إلى معلّمة في إحدى المدارس الخاصّة التي وللمفارقة ينتسب لها ابن المدير التنفيذي للشركة. وفي أحد الأيّام فقد استدعاني المدير نفسه في أمرٍ ضروري. بدأ حينها حديثه معي " أخبرني حسن (مساعده الخاص) أنّك قدّمتي على طلب ترقية وهو أمر لا بأس به نظرًا لما قدّمتيه للشركة منذ انطلاقتكِ معنا". كنت سعيدة جدًّا لتحفيزه لي ولتقديره لجهودي وكفائتي ولكن فرحتي بالأمر لم تكتمل حيث عاد ليخبرني " على فكرة ابني جاد تلميذك في المدرسة وامتحانات آخر السنة صارت على وشك الانطلاق ونريد همّتكِ في العلامات ليتميّز". كان حديثه عن موضوع الترقية وعن علامات ابنه جاد بمثابة تصريح ضمني عن وضعه علاقة شرطيّة بين الأمرين: أي بين الترقية ووضع علامات إضافية لابنه.

صراحةً، فقد أصابني الأمر بالإحباط والحيرة. ففي الوقت الذي كنت أتمنّى فيه لسنين أن تتم ترقيتي، تبيّن أنّ هذا الأمر لن يتحقّق إلّا من خلال قيامي بأمر يخالف قيمي وأخلاقي. وقد كانت النتيجة أنّني عشت صراعًا لأكثر من أسبوع كانت نهايته باستقالتي.

ومن هنا، عندي سؤال يشغلني منذ تلك الحادثة وهو :كيف نتصرّف عندما نواجه معضلةً أخلاقيّة؟ وما هو الحل الأفضل برأيكم لما واجهته من موقف ؟