إذا أردّت أن أحدّد إحدى نقاط قوّتي وضعفي في آنِ معًا فإنّني سأقول "المرونة". نعم، فأنا أجمع هذين المتناقضين بشكلٍ متطرّف وبدون اعتدال. فقد فرضت عليّ طبيعة أعمالي أن أكون مرنة بشكل كبير حتى وصلت مرونتي حدّ الإزعاج لي. فأنا أعمل ككاتبة محتوى وباحثة ومعلّمة وهي مهام بطبيعة الحال ليس من السهل الجمع بينها وذلك بسبب أنّ كل واحدة منها يتطلّب قدرًا عاليًا من الصبر والإتقان بالإضافة إلى كونها تحتاج تفرّغًا كليًّا لها.

بدأت تجربتي مع فرط المرونة منذ عدة أعوام وخلال عملي في إحدى الشركات حيث كنت أعمل في القسم المالي. فقد كنت أعد التقارير المالية وأشرف على تنظيم الاجتماعات بين رؤوساء الأقسام في الشركة كما أنّني كنت مسؤولة عن معظم أعمال إدخال المعلومات في الشركة. هذا ليس كل شيء، فقد كان عندي مهام ثانويّة أخرى أنجزها.

وقد كانت مشكلة الحقيقيةمع المرونة الآثار المترتّبة عنها. ففي البداية كنت أقوم بالأعمال الموكلة لي على أكمل وجه ولكن لاحقًا أصبحت أعجز عن إنجازها جميعها. ففي إحدى المرّات كان عليّ أن أقوم خلال يومين فقط بتحديث البيانات الموظّفين العاملين في الشركة بالإضافة إلى إرسال التقرير المالي السنوي لدائرة المالية في الوزارة! نجحت في كتابة التقرير ولكن بالنسبة لتحديث المعلومات فلم أنجح في إكمالها لجميع الموظّفين. وبالطبع فقد أثّر هذا الأمر على جانبي النفسي حيث أنّني معتادة دائما على النّظام وإنجاز المهام كما هو مطلوب وأفضل! ولكن أصبح هذا الأمر غير ممكن مع الفوضى التي أصبحت عليها حياتي المهنيّة نتيجة غياب النّظام وفوضى المهام.

وأمّا النتيجة الأكبر التي واجهتها بسبب المرونة الزائدة فقد كانت الاحتراق الوظيفي بحيث أصبحت أعمل بدون وجود الحافز النفسي وهو ما أدّى لتدنّي إنتاجيّتي حتّى وصلت للاستقالة.

وعلى المقلب الآخر، تناقشت مع صديقتي حول الموضوع وقد فاجأتني عندما أخبرتني أنّها بسبب مرونتها العالية جدًّا تمّ تصنيفها كأفضل موظّفة في الشركة للعام 2022. وقد تمّ هذا التكريم على أساس أدائها العالي للمهام المتعدّدة في أوقات قياسية.

وهنا صرتُ أسأل نفسي، هل المرونة العالية للموظّفين مفيدة أم مضرّة لهم؟ وما سبب ذلك؟