" بين تقديم منتج رائع يراعي تطلّعاتك كرائد أعمال وبين تقديم منتج غير رائع إلّا أنّه يلبّي حاجة العملاء، ماذا تختار؟" كان هذا السؤال من أصعب الأسئلة التي واجهتني في مسيرتي المهنيّة والتي وجهّها حينها المدير التنفيذي لنا كموظّفين. وقعت في حيرةٍ شديدة، فمن أختار وبمتخصرٍ مفيد، العميل أم المنتج؟ وبالفعل فقد اخترت حينها العميل لأنّ العميل هو الهدف الأساسي لأي مشروع ولأي استثمار، فإن كان كتاب اللغة الإنكليزية الذي ألفته رائعًا لحد الكمال ولكن لا يراعي مستوى طلّابي فما الفائدة منه؟ وهل سيتحقّق هدفي الأساسي معهم بما أنّني وضعت وسيلتي قبل غايتي: أي منتجي قبل عملائي؟

يحدث قصر النظر التسويقي Marketing Myopia عندما يكون التركيز على البيع والعملية التسويقية بدل التركيز على العملاء أنفسهم بحاجاتهم المتغيّرة والمتطوّرة. يعني الأمر يشبه قطعة القماش التي أعطيتها يومًا لخيّاطة الخي لكي تحيك لي فستانًا وقد صمّمت لي حينها فستانًا رائِعًا إلّا أنّه لا يراعِ عمري وذوقي وطلبي بأن يكون عمليًّا فمن قال أنّ الروعة والكمال أهم من حاجة العميل نفسها؟ وقد لفتتني بهذا المجال شركة آبل التي تضع عملائها واحتياجاتهم قبل المدير التنفيذي نفسه. فهي تنطلق ممّا يريده العميل ثمّ تعمل على تصميم منتجها وفقا لذلك ومن هنا فهي تركّز على رحلة العميل أوّلا وثانيًا وثالثًا ثمّ يأتي المنتج.

ومن أمثلة الشركات التي وقعت بمشكلة قصر النظر التسويقي شركة Blockbuster وهي الشركة الرائدة في مجال ألعاب الفيديو. وقد أدّى قصر نظرها إلى إفلاسها. فبدل أن تطوّر منتجها كي يراعي ثورة التكنولوجيا من خلال ما نعرفه تقنية ال Online streaming، فقد غضّت نظرها عن هذا الأمر وأبقت على الشكل نفسه لمنتجها. وقد أفلست في العام 2010.

ومن هنا وبرأيكم، " بين تقديم منتج رائع يراعي تطلّعاتك كرائد أعمال وبين تقديم منتج غير رائع إلّا أنّه يلبّي حاجة العملاء، ماذا تختار؟" وما هي الأدوات التي كيف تمكّن للشركات من تجنّب قصر النظر التسويقي ؟