الكثير من الناس في الحياة العادية يحبون دوماً إضفاء لقب ، فإن كان يعمل بجهاز الشرطة فهو بيه او باشا ، ولو كان طالب بكلية ، فهو دكتور أو مهندس ، ولو كان يقوم بدور رئاسي فهو (فخامة الرئيس) أو لو كان بمنصب وزير فهو (سيادة الوزير) ، والحديث عن أي شخص يقترب من منصب مهم يجب أن يكون بإجلال وربما ينظر للأرض أثناء الحديث ، أو تبدي سعادة مبالغ فيها وأنت تصافح أو تتحدث عنه (حتى وإن كان سيء الإدارة أو فاسد) وتطلق على أشخاص مشهورين فقط بأنهم هرم مصر الرابع (حتى لو كان بلا إنجاز) ، وممثل بسيط يصبح بقدر قادر نجم أو فنان ، وهكذا مفردات يطلقها الجميع بلا سبب تبدو كمجاملة أو نفاق لا أعلم ولا أدري ما أهمية وجودها بالأساس وما الحاجة لتطلق على شخص صفة تبجيل مبالغة ليست فيه ، بل الضرر أكبر من الفائدة لذا من وجهة نظرك المجاملة بالألفاظ مثل (باشا - زعيم - هرم رابع - رياسة - فخامة) مجاملة مقبولة أم نفاق؟
المجاملة بالألفاظ مثل (باشا - زعيم - هرم رابع - رياسة - فخامة) مجاملة مقبولة أم نفاق؟
في رأيي أن هذا يعتمد على ماذا يُقال ولمن ولماذا وكيف، فأحيانًا يستخدم لقب دكتور أو مهندس مثلًا لتقدير الشخص أو تشجيعه، وأحيانًا يستخدم شيخ أو حاج لتبجيل كبار السن، بينما هناك ألفاظ أخرى تستخدم للمجاملة المقبولة وتلك تختلف عن التفخيم المبالغ فيه والنفاق من نوعية بيه وباشا.
بطبيعتي يا صديقتي (سهام) أحب المجاملة وأقدرها ، بالأخص إنك كانت لتترك أثر إيجابي في نفوس المحيطين مثل أن أشجع أبنة شقيقتي التي ترغب بدخول كلية الطب وهي في المرحلة الأبتدائية يا دكتورة (مريم) ، هذا من الممكن أن يكون ملهم ومحفز لها لتقديم مستوى يجعلها أكثر نشاطاً وإقبالاً على النجاح والمذاكرة، ولكن الأمر يختلف إذا كنت أفعل الأمر مع شخص [آخر مضطر] للقيام بقول كلمات معينة لأن تلك الكلمات ستجعلني بالمقابل أحصل على مصلحة بشكل أسهل ، فحتى الكلمات المجاملة تفقد قوتها ومعناها مع التكرار في غير محلها فما بالك لمن يستخدمها للنفاق أو الادعاء !
لم أكن أتشجع عندما كان يتم مناداتي بالدكتور رفيق في أول عام لي بالكلية 😂 كنت أحسها تحميل مسؤولية زيادة وكأني مجبر على تلبية توقعاتهم لاستحقاق هذا اللقب، هذا يفتح بابا اخر فعلا لكون الشخص الذي ينادى بلقب ما (من باب الاحترام والتجليل او من باب التحفيز والتشجيغ) يجعله يحاول ان يكون قد هذا اللقب، فبيحسن من نفسه اكثر، اراها ايجابية من هذا الجانب
والله يا دكتور رفيق أنت تستحق بالحقيقة كثير من التشجيع لكونك أولاً مثقف وثانياً طالب مجتهد ومتواضع ، ودكتور هنا ليست مجاملة ولكن تقدير لشيء ستكون عليه بالمستقبل، ولكن تخيل أنك بدأت تتعامل مع الأن إنك دكتور (يعرف كل شيء) هنا تأتي المشكلة في المساهمة، وأنا لا أتحدث عن الألقاب التي تقال للطلبة بالمعتاد ((لأنها الأقل تأثيراً بالسلب)) ولكن أتحدث عن المهن التي يظن أصحابها من نفاق الناس لهم أنهم ((أسياد للبلد وأن العبادأو الشعب هم في أقل تقدير خدم لهم)) لذا أنا كنت من أول الرافضين مثلاً لمصطلح [المهن السيادية] فمثلاً لا يمكن لي كمواطن أن أقول الوزير الفلان الفلان أخطأ في قراره هذا علناً .. أولاً يجب أن أقول
سيادة فخامة الوزير .. ، وثانياً ربما يكون هناك نقطة أحبذ لو أنتبه لها .. لأن ببساطة سيادة الوزير لا يخطئ أبداً .😂
اههههههه ذكرتني بالطلبات الخطية التي نكتبها عند دفع طلب ما إلى مدير أو صاحب منصب،(أتقدم بأسمى وأرقى التحيات وأتشرف وو- باقي يقولو وألعق التراب اههه- الى سيادة وفخامة ومعالي حضراتكم بالنظر في...) لطالما رأيتها صيغا مبالغة جدا وكأننا نتوسل عنده، مااا هذي اصلا شغلانته وهذا القانون هيك ليش لازم نحسسه اننا بنلعق رجليه 😂😂 اتخيل نفسي لو كنت صاحب منصب لن تعجبني اصلا هذه العبارات حتى لو كانت موجهة الي انا.. من هذا الباب فعلا اوافقك واتمنى ان تنقرض.
والله يا دكتور رفيق أنت تستحق بالحقيقة كثير من التشجيع لكونك أولاً مثقف وثانياً طالب مجتهد ومتواضع
والله هذا من طيب أصلك و حسن ظنك بي وفهمك يا غالي، أشكرك على هذه الكلمات الطيبة..
برأيي لا هي مقبولة ولا هي نفاق لأن الأمر لا يجب تعميمه، أبي مثلا كان يقول له الجميع ( عمي الشيخ صلاح) حتى من هم أكبر منه في السن، لكن لا هو هنا يصلح لأن يقال له عم ولا هو مؤهل وفق المعايير لأن يقول له أحد شيخ، لكن ما كان يفعله ويقدمه لمن حوله هو ما منحه ذلك، وهنا لقب أراه مقبول.
لكن أنا مثلاً في عملي مضطر لأن أخاطب شخص ما بلقب إداري واتعامل معه برسمية، رغم أنه يعرف أنني لا أعترف بكونه خبير عني، ويعرف أنني لا اطيقه لذلك احترامه زائف، وهنا هذا ليس نفاق أيضا فأنا لو لم أفعل ذلك سيتم فصلي أو جزائي وفق لائحة العمل.
وهنا هذا ليس نفاق أيضا فأنا لو لم أفعل ذلك سيتم فصلي أو جزائي وفق لائحة العمل.
وهل كونك مجبرًا على النفاق ينفي أنه نفاق؟ قد تكون مضطرًا، وقد يكون التصرف مفروضًا عليك بحكم العمل أو الظروف، لكن هذا لا يغير من طبيعة الفعل نفسه.
المجاملة الزائدة والتصنع في إظهار الاحترام، مع علم الطرفين أنه غير حقيقي يظل نوعًا من النفاق، حتى لو كان إجباريا، فالفرق فقط في الدافع لا في الوصف، والنفاق لا يصبح صدقًا لمجرد أنه تم تحت ضغط.
وهل كونك مجبرًا على النفاق ينفي أنه نفاق؟
نعم، مصدر النفاق والإخلاص هو القلب، ولذلك لا يمكن اتهام اي احد بالنفاق علانية لأن الله فقط يطلع على قلبه ونيته، ولذلك قائمة المنافقين جعلها النبي صلى الله عليه وسلم سرية (المنافقين في زمانه الذين علمهم بوحي من الله طبعا) ولم يتهم بعده احد احدا بالنفاق.
ولتتضح الصورة، مؤمن آل فرعون كان يكتم ايمانه لأنه مجبور.. فكان يتظاهر على غير ما قلبه عليه واظهر ايمانه عندما اصبح الوقت مناسبا وكان لابد أن ينطق بالحق، فهو قبل ذلك لم يكن منافق..والامثلة كثيرة، اذا أردتِ أن تتأكدي اسألي شيخا او شخصا مؤهلا لعله يفيدك أكثر ان شاء الله
المجاملة الزائدة حتى لو كانت بدون اجبار ليست نفاقا، بل هي احدى خصلاته فقط (وفق حديث النبي صلى الله عليه وسلم صفات المنافق ثلاث.. منها اذا حدث كذب) كلنا نحمل احدى صفاته بدرجات متفاوتة لكن المنافق الحقيقي تجتمع فيه الصفات كلها..
بالطبع كونها اصلا خصلة من خصلات المنافق فهي مذمومة طبعا ويجب ان نبتعد عنها
نعم يا أسلام أنا أتفق مع بسمة تماماً، ناهيك على إنك تمنح الأشخاص شعور ذائف بالقوة والسلطة ، أو في أقل الأحوال تؤذيه نفسياً لكونه يظن بنفسه أمر كاذب لا يعبر عن حقيقته إلى أن يرتطم بالواقع، هل تعلم أن تم سن قانون لأي شخص يقوم بوصف نفسه بلقب وظيفي لا يمارسه، بمعن أن أي شخص يطلق على نفسه كذباً دكتور (فلان) أو بشمهندس (علان) أو سيادة المستشار (تان تان) يطبق عليه عقوبة تبدأ بالحبس 6 أشهر مع غرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، لأن أيضاً تلك الألقاب بمرور الوقت تكتسب قدرة وسلطة على خداع الناس .
في بعض المواقف يكون الاحترام واجبًا، مثل التعامل مع كبار السن، أو الشخصيات التي قدّمت إنجازات حقيقية، أو أثناء المراسم الرسمية التي تفرضها الأعراف.
لكن في الغالب، ما نشهده من إطلاق ألقاب مبالغ فيها كـ "باشا" و"فخامة" و"الهرم الرابع" ليس سوى نوع من النفاق أو التملّق لتحقيق مصلحة شخصية، مثل التقرب من مسؤول صاحب نفوذ، أو كسب ودّ شخصية مشهورة، أو ضمان مكاسب في العمل والعلاقات.
لا أفضل استخدام الألقاب حتى في شخصي، لكنني بالفعل لاحظت أثناء عملي وجود أشخاص يفضلون هذه الألقاب حتى بدون إنجازات، بل إن بعض الموظفين لا يمكنهم ذكر اسم مسؤول دون ذكر لقبه الوظيفي، لدرجة أنهم لا ينادونه باسمه.
في إحدى الشركات التي عملت بها، عندما كنت مستجدًا، لاحظت معاملة مختلفة ربما تعود لسياسة الشركة. في البداية، سألت أحدهم عن مكان المطعم، وعندما علم بمنصبي الوظيفي أخبرني أنني سأتناول الغداء مع المسؤولين. لاحقًا تعلمت أن هناك فصلًا في أماكن الأكل والسكن بين المسؤولين والعمال، وهذه المسألة قادتني لما سأقوله الآن. عندما بدأت عملي تفاجأت بأن أي عامل في المشروع يناديني بـ "الشاف" (عندنا تعني الرئيس). تجاهلت الأمر في البداية لكنه أصبح مزعجًا، وكل مرة يناديني أحدهم بذلك اللقب أخبره باسمي.
بل أصبحت أقضي وقتي معهم أكثر من جيراني، وكسرت الحاجز بيني وبينهم، ما قادني لحل مشاكل يخاف العمال حتى من ذكرها بسبب سياسة الشركة التي تحاول كسر الشكاوى قبل أن تصل.
مثل هذه الألقاب قد تزرع في النفس نوعًا من التكبر دون أن يشعر صاحبه بذلك. وكما أشير دوما، كنت أتعامل مع أفراد فريقي لا كرئيس لهم، بل كأحد أفراده، بعيدًا عن أي لقب. حتى عندما تركت مكان العمل، مازلت على تواصل وعهم وهذا بفضل الله.
المصريين اسياد المجاملات اللامنطقية ففي ببلاد الشام في حال موافقتك على العرض المقدم او في حال سؤال احدهم لك عن خدمة يكون الجواب ((تكرم عينك)) في افضل الاحوال (( تكرم عينتينك)) لكن في مصر الموضوع مختلف تماما فغالبا الاجابة تكون (( تحت امر سيادتك معالي حضرة الباشا المحترم)) أو (( انت تأمر ياريس)) أو ... وهذا يدل على الافراط بالاحترام والمبالغة بالمجاملة واختيار عبارة ذات واقع سيادي وهو شي لا عيب فيه لكن كثر استخدامه تفقد اصحابه الحقيقين رونق التمتع بالوصف.
لا أراه نفاقًا بالمعنى الصريح، لكنه نوع من المجاملة المبالغ فيها والمستفزة أحيانًا، فهي عبارات تستخدم كثيرًا بدافع الدعابة أو المجاملة، لكنها في بعض السياقات تفقد عفويتها وتصبح أقرب للتملق السطحي، فالاحترام لا يحتاج كل هذا التزيين اللفظي، وكأننا نُقرض الناس ألقابًا لا تعني شيئًا فعليًا لمجرد أننا اعتدنا على المبالغة في الخطاب، يعني بنضحك على بعض وإحنا عارفين لهذا السبب لا استطيع أن أطلق عليه نفاق بالمعنى الحرفي.
لا أراها تدخل في باب المجاملة مبالغ فيها ، بينما هي في الأصل هي نوع من اللزمات الكلامية الشعبية التي تثبتت في اللاوعي الجمعي، أغلب من يستعملون كلمات كهذه لا يكون واعيا بها ، بنما المبالغة فيها تكلف و محاولة للتفكير والتلاعب اللفظي.
دعوني أضيف نقطة هامة تثري النقاش بجانب ما تفضل الجميل بقوله، النفاق يبدأ دوماً بمجاملة بسيطة غير إلزامية ، ولكن عندما تقرن بفعل للحصول على منفعة مثل أن تدخل على ظابط وتخبره (ساعت البيه فولان ممكن عظمتك تقدم لي خدمة بسيطة معايا ورق عايز أخلصه) ، وممكن بردوا تقول ( معايا ورق يخص شغلي محتاج تخلصه بعد إذنك) الطريقتين تم تقديمهم بنفس الطريقة التي يغلب عليها الاحترام، ولكن الأولى سنخلق انطباع أقوى لكونك منحت شخص عادي يمارس وظيفته ألقاب مثل (بيه، وعظمتك) وهي تبدو كتقدير ظاهري ولكن الهدف منه إنهاء بعض الأوراق لذا تنتقل من مجرد كلام معسول قد يقال تلقائياً إلى نفاق واضح .. تدفع الشخص الذي يمارس وظيفته للشعور بأنه أكبر من المكان الوظيفي الذي يشغله.
التعليقات