على أي أساس نختار الأفراد في محيطنا القريب: أصدقائنا، شركاء عملنا، أو شركاء حياتنا؟

عن نفسي اختار من أشعر معه بالراحة فقط، وقد تبدو الراحة للوهلة الأولى سبب واحد إلا أنني أراها سبب به ألف سبب، فالراحة مع شخص يفهمني، مع شخص لا ينتقدني، مع شخص يحبني ويحفزني، مش شخص لا أشعر أنني متوتر في التعامل معه، مع شخص أشعر أنني على طبيعتي أمامه، و......

إذا توفرت الراحة برأيي فإن هذا هو الشخص المثالي مهما اختلف سنه وتعليمه وعمله وغيرها من الشكليات التي قد يختار البعض على أساسها

أعتقد أن الأمر يعتمد على احتياجات وأولويات الشخص عندما يبحث عن الأصدقاء والشركاء. ففي بعض الأحيان قد يكون الشخص يريد في دائرته المقربة أشخاص مشابهين له في كل الجوانب لأنه لا يطيق الجدال مع أي شخص مختلف معه في أي شيء وبالتالي يفضل أن يحيط نفسه بنسخ مشابهة له، وفي أحيان أخرى يحتاج البعض إلى أشخاص ينتقدونهم نقد بناء باستمرار لكي يسعوا لتحسين انفسهم فيبدأ بتقريب هؤلاء أكثر. الأمر في النهاية مجرد ترتيب أولويات

أعتقد أن الصدق هو الشيء الوحيد الذي إذا شعرت في شخص يكفيني تمامًا لأدنيه من محيطي القريب، الصدق بالنسبة لي مثل الضوء يريحني، ويجعلني أشعر بالأمان، ويختصر عليّ الكثير من التفكير والشكوك، ولا يهمني الكمال أو التفاصيل الأخرى بقدر ما يهمني إن الشخص يكون حقيقي وصادق.

مرحبا د. چورچ

لا أعتقد أن سببًا واحدًا قد يكون كافيًا لجعلك تقرب شخص وتضعه في دائرة المقربين، بل تكون هناك عدة أسباب حتى ترى أن هذا الشخص مناسبًا بدرجة تكفي لتقريبه، قد تكون تلك الأسباب أو المعايير هي التوافق والدعم والارتياح وغيرهم.

لكن من رأيي أنه إذا كان يمكننا اختيار سببًا واحدًا فقد يكون الاحترام، فمن يحترمك سيحترم اختلافك عنه، وسيحترم وقتك ومساحتك الخاصة ولن تشعر معه بالضغط وأنك مضطر لتبرير أفعالك وتصرفاتك طوال الوقت، ولن يأتي الاحترام في العادة إلا مش شخصية ناضجة ومتفهمة.

أعتقد أن اختيارنا للأشخاص الذين نسمح لهم بدخول دوائرنا القريبة هو شيء ليس سهلاً، وكل شخص لديه معايير مختلفة. البعض يترك هذا الموضوع للصدفة، ويكتفي بالناس الذين يلتقي بهم في طريق الحياة، بينما يختار آخرون الأشخاص بناءً على معايير اجتماعية أو ثقافية. ومن الممكن أن ننجذب إلى شخص ما بناءً على سبب واحد فقط، مثل أن يكون لدينا نفس القيم . لكن بالطبع هذا ليس كاف

“بالنسبة لي، كنت أختار الأشخاص في البداية بناءً على سبب واحد فقط، وهو أن يكون لدينا نفس القيم والمعتقدات. كنت أعتقد أن هذا هو العامل الأهم في بناء علاقات قوية، وأغفلت أحيانًا جوانب أخرى مثل الانفتاح على اختلاف الشخصيات والتحديات. وفي أحد المرات، قررت أن أسمح لشخص ليس لدي معه نفس الخلفية الثقافية أو الفكرية أن يكون جزءًا من دوائري القريبة. رغم اختلافنا في بعض الأمور، اكتشفت أنه كان من أفضل الناس الذين قابلتهم، حيث أضاف لي الكثير من الفهم والرؤية المختلفة. تعلمت أن سببًا واحدًا قد لا يكون كافيًا، وأن تنوع الأسباب والاعتبارات مهم لنجاح العلاقات

تلك التجربة الشخصية جعلتني أعتقد أن السبب المادي الوحيد قد يكون بداية جيدة، لكن لا بد من النظر في جوانب أخرى مثل التفاهم العاطفي، التحدي الإيجابي، والدعم المتبادل. الشخص الذي نشترك معه في نفس القيم قد يكون مناسبًا لنا، لكن يجب أن يكون لدينا استعداد لقبول الاختلافات والتنوعات أيضًا.

معظمنا يختار أفراد محيطه بعشوائية مدمرة، إما تحت ضغط الوحدة أو بدافع الحاجة العاجلة، ثم نتفاجأ لاحقاً بعلاقات فارغة تتحول إلى سجون يومية. نختار الأشخاص لأنهم مضحكون أو طيبون أو ناجحون، وكأن هذه الصفات الجزئية تكفي لبناء روابط إنسانية حقيقية.

لكن الواقع يقول إن العلاقات الجيدة لا تُبنى على سبب واحد، بل على قدرة الشخص على الوقوف بجانبك عندما تنهار كل أسبابك الأولية. ذلك الصديق الذي اخترته لأنه يشبهك فكرياً قد يخذلك أخلاقياً، وتلك الشريكة التي أعجبتك لطيبتها قد تدمرك بضعفها. نحن ننسى أن البشر ليسوا قوائم جاهزة بمواصفات، بل كائنات معقدة تتغير وتتناقض.

الأخطر أننا نستخدم الكيمياء العاطفية أو التوافق السطحي كمخدر لنخدع أنفسنا بأننا اخترنا بشكل صحيح، بينما في العمق نحن نهرب من مواجهة حقيقة أن الاختيار الحقيقي يتطلب شجاعة النظر إلى كل الأبعاد: القيم، المواقف، القدرة على النمو المشترك، وليس مجرد الراحة المؤقتة.

في رأيي، لا يكفي سبب واحد فقط لجذب شخص إلى محيطنا القريب. بالطبع، يمكن أن يكون سبب واحد مثل القيم المشتركة أو التفاهم المتبادل نقطة بداية جيدة، لكن العلاقات القوية والصحية تحتاج إلى أكثر من ذلك. من المهم أن نأخذ في الاعتبار معايير متعددة مثل الدعم العاطفي، الاحترام المتبادل، القدرة على التحدي والنمو المشترك، والتفاهم في المواقف الصعبة. هذا التوازن بين الأسباب المتنوعة يجعل العلاقة أكثر استدامة وقوة على المدى الطويل.