التحيز التمثيلي (Representativeness Heuristic) وأخطاء الحكم لا شعورياً على الآخرين

لا يمكننا تجاهل تأثير خبراتنا السابقة، لأنها تشكل المرجعية التي نستخدمها لتفسير الأحداث واتخاذ قرارات سريعة، وحتى حكمنا على الأحداث المستقبلية، وهو ما يجعلنا في كثير من الأحيان نعتمد على الحدس بدلًا من التحليل الموضوعي، وأظنه أمرًا فطريًا لدى الكثير.

لكن بشكل عام، يمكن تجنب التحيز التمثيلي من خلال توجيه انتباهنا إلى البيانات الموضوعية التي نتعامل معها، ونعتمد عليها في الحكم واتخاذ القرار، بدلًا من الاعتماد على النمطيات.

كيف يمكننا تجاهل حدسنا وتأثير خبراتنا السابقة، لكي لا نقع في تحيزات خاطئة؟

لا أذكر اني يوما تجاهلت حدسي ولا اعتقد اني سأفعل، لكن بالنسبة للتحيز.. هناك فرق بين ان تأخذ مايخبرك به حدسك، او ما تعرفه بناءا على خبراتك وتجاربك السابقة، او حتى بناءا على ماهو شائع،.. ان تأخذه كتوقع محتمل بقوة ضمن الاحتمالات المتاحة، وان تأخذه كاحتمال مؤكد لا يعطي فرصة للاحتمالات الاخرى والحالات للاستثنائية فهذا هو التحيز.

واعتقد انك يجب ان تحلل جميع المعطيات امامك لتقرر، وليس النظرة السائدة او المعرفة السابقة فقط فهي جزء من المعطيات وليست كلها. وعندما تقرر ضع خطة احتياطية في حال كان قرارك خاطئا.

مثال على ذلك التسرع في بيع سهم بخسارة بسبب انخفاض مماثل لسهم آخر مشابه له، مع علمنا أنه لا توجد حالتان متطابقتان تماماً.

و لكن خسارة سهم مشابه يعد مؤشر لعدم نجاح السهم فمن الضروري دراسة الموضوع بشكل سريع كي لا يخسر بالفعل. هو ليس دليل حتمي لكنه مؤشر.

التحيز التمثيلي أراه يظهر أكثر في العلاقات عندما نحكم علي الأشخاص بصفات معينه من معارفهم أو البلاد التي ينتمون إليها ففي هذا تحيز لأن الأشخاص كائنات عاقلة تتحكم في صفاتها فلا يجب أن نكزم باتصافهم بصفات البيئة المحيطة فندرك ذلك .

لكن مثل هذه التحيزات لا تكون خاطئة في أغلب الأوقات، في عملي عندما تتحرك شاحنة وتواجه متاعب على طريق معين نمنع مسار الشاحنة طوال اليوم لا نقول مثلاً أن حالة الشاحنة فردية ونخاطر بغيرها، وأقول أن هذا النوع من التحيز غالباً ما يكون صحيح لأنه مأخوذ من المنطق ومن قاعدة تعميم الجزء على الكل طالما ينتمي له أو يتشابه معه

كيف يمكننا تجاهل حدسنا وتأثير خبراتنا السابقة، لكي لا نقع في تحيزات خاطئة؟

أعتقد أن الحدس هنا قد يعني الخبرة و الفراسة التي راكمناها على مر السنين. لا يجوز تجاهلها وإلا نكون مطالبين بأن نعمل ريسيت لعقولنا كل مرة للتعامل مع المواقف المشابهة فتعود خبراتنا صفراً وعقولنا بيضاء لنجمع من جديد الإحصائيات ونصدر حكماً! أعتقد أن هذا مفيد جداً في وضع القوانين العلمية بمعنى أننا بعد ان نصنع التجارب لابد لنا أن نعمم النتيجة ونستخلص القانون. فمثلاً، عندما ألقي شيئا في الهواء يسقط لأسفل في أي مكان إذن نعمم فيصبح لدينا قانون للجاذبية وهو صحيح وأعتقد أن التعميم من مميزات العقل البشري. ولكنه يخطئ في الإنسانيات و التعامل مع البشر غير أننا نعمم أيضاً وكثيراً ما يكون حكمنا صحيحاً. فلو أني خيرت بأني أشطب كل خبرتي الماضية وأتعب نفسي وأستقصي كل الإحصائيات من أول وجديد كل مرة ولا أعتمد على خبرتي فسأتعب كثيراً ويضيع مني الوقت. إذن، فالأفضل أن أقع في هذا التحيز مرة كل مرات عديدة عن أن ألغي كل خبراتي السابقة....

التروي والتكافؤ هو العامل الأهم في أن نكون عقلانيين في حكمنا وننحي خبراتنا السابقة، فإذا وضعت الافراد في نفس الموضع وقارنت بينهم مقارنة عقلانية، ستصل الى من يستحق حتما