أيمكننا أن نقول فعلا أن كل شخص له أعداء بالضرورة يكون مدافع عن شيء ما! فالكاتب الجيد له أعداء ربما بسبب صدقه والمدير السيء له أعداء على الرغم من أنه ربما يكون السبب الرئيسي في معاناة الموظفين. ولكني أرى أن هنالك من الناس من يتخذون تلك المقولة ليرضوا أنفسهم وغرورهم. فماذا عنك؟
"ألديك أعداء؟ هذا جيّد. فهذا يعني أنّك دافعت عن شيء ما في حياتك!" - دان براون- ما رأيكم بهذه المقولة؟
لست من الذين يحبون تكوين عداوات وإن كانت بسبب، قد أحبذ وجود منافسات لكن دون ضغينة، يمكنني المنافسة وأجد مبررات لها لكن العداوات لا أجد لها مبررات سوى الأذى او الكراهية وبالتأكيد فتلك العداوات قد لا تكون لها نتائج محمودة، وتؤثر في علاقاتي الإجتماعية وعملي بصورة سلبية لأنها تضطرني لأخذ الحيطة دومًا والحذر، وخلق العداوات بالطبع لا تجعلني فخورة.
إن كنت تحبين أو لا، فنحن لا نتحكم بالطرف الآخر، على سبيل المثال عندما تدافعين عن كلمة حق، ويأتي شخص ويكرهك لذلك، ماذا ستفعلين؟ هناك أشخاص تكرهك لو اختلفتِ معهم أو وقفتي مع كلمة الحق ضدهم أو عبرتي عن رأيك بطريقة تتعارض مع مصالحهم، وبالتالي المشكلة ليست بك أنت، بل بالطرف الآخر
لا يمكنني ان أتحكم بتصرفات الطرف الآخر او جهات نظره كما لا يمكنني إجباره على تبني وجهة نظري، وإن كان اتخذني عدوًا فماذا سأفعل؟ بالنسبة لي احاول تجنب الصدام وإن اضطررت لذلك فإني أواجهه لإنهاء الأمر إن لم يكن لدي فرصة للابتعاد. ماذا عنك؟
العداوة الناتجة عن تمسك بمبدأ أو كلمة حق أو شهادة فهي لا تمثل لي شيء، رغم أني أحاول الحل بطريقة ودية، ولكن لا أتنازل عن مبدأ من أجل أي شخص، وبالتالي إن اختار الطرف الآخر العدواة، فهذا لا يفرق معي لأن بالنهاية مثل هؤلاء ليسوا من الأشخاص التي قد تربطني بهم علاقة أريد الاحتفاظ بها
وبالتالي إن اختار الطرف الآخر العدواة، فهذا لا يفرق معي..
ذلك ما أفعله معظم الوقت، لكن ما أعاني منه حقا هو إتخاذ بعض الأشخاص المقربين لمواقف معادية ضدي..
فمثلا عندما كنت بمرحلة الدراسات العليا طلب منا الدكتور أن نعد بحثا حول فلسفة الأديان.. فقامت كل واحدة منا بإعداد بحثها الخاص لكن على عجالة ودون تعمق، وهو ما أغضب أستاذنا، وأثناء مناقشتنا سألني مباشرة (قولي الحق يا أماني.. بزمتك انت شايفة انكم تستحقوا درجة النجاح على هذه الأبحاث السطحية ؟!) فوجدتني أجيبه برأيي الفعلي (صراحة لأ :)
ولكي أن تتخيلي ردة فعل زميلاتي وصديقاني بعد ذلك الموقف، فبعضهم تجنبني تماما من حينها!
فكيف أتقبل تلك المواقف المعادية من قبل الأصدقاء وأحيانا الأقارب؟!
إنها حقيقة بالفعل ويمكننا القول أن أغلب العداوات في وقتنا الحالي أساسها الشعور بالغيرة والحقد من الآخرين، فقد أصبح من الطبيعي أن تجد شخص ما يكرهك دون وجود سبب واضح لذلك، إذ أنك لم تتسبب له في أي أذى على الإطلاق، ولا يشترط أن تكون شخصًا مثاليًا أو تدافع عن شيء ما في حياتك ليكون لك أعداء، وإنما يكفي أن تتمتع بصحة جيدة أو أن يكون لديك عمل أو نعمة ما، باختصار أي شيء تملكه أنت ولا يملكه غيرك قد يجعل لك أعداء، هذا ما يحدث في مجتمعنا حاليًا.
أيمكننا أن نقول فعلا أن كل شخص له أعداء بالضرورة يكون مدافع عن شيء ما!
ليس بالضرورة حمدي؛ فحتى من ينعزلون عن المجتمع ولا يصدرون أراء أو أحكاما بحق أي شيء، ستجد لهم أعداء يعارضون أيضا، ويتهمونهم بالسلبية والاستهتار وربما يخيل لهم أنهم يتعالون عليهم!!
هذا ما أعتقده أيضا، فحتى من يأكل اللحوم اليوم له أعداء من جمعيات الأكل النباتي - ليس كلهم بالطبع - ولكن هنالك من يأخذ الأمر حد العداوة، وكأن هنالك إحساس ما خفي داخل الإنسان بأن يصنع عداوة من اللا شيء ففي مثال من يأكل اللحوم وهم اغلب البشر فجأة وجدنا أنفسنا لدينا أعداء ولم ندافع حتى أن أنه من حقنا أن نأكل ما نشاء.
أعتقد أن هذه المقولة هي جزء من سياق يجب الرجوع إليه. فيمكن للإنسان أن يكون له أعداء بلا سبب أو لأسباب تخصهم ولا تخصه لكن بالنسبة إلى سياق المقولة فأعتقد أنه سياق يحاول أن يقول: الحياد أحيانًا جريمة. ومحاولة التمييع لاكتساب ود الجميع قد تنتهي بأنك محبوب بالنسبة لهم لكن خاسر لرأيك وكل ما تدافع عنه وبالطبع عندما يأخذ الإنسان موقفًا ويقول رأيه فهذا يجعله محط احترام من يوافقه الرأي وربما عداوة من يعارضه.
لكنها في النهاية ليست قاعدة وفكرة وجود أعداء للإنسان عمومًا ليست بالفكرة الجيدة ولا السيئة. هي فقط طبيعة الحياة التي يجب أن نتقبلها ونحاول دائمًا أن نكون أفضل نسخة من أنفسنا فلا نترك الفرصة لبعض أنواع الأعداء في التكون
التعليقات