بين ثنايا العقل والقلب، تدور رحلة الإنسان في الحياة، لا شك أن الذكاء المنطقي، سيفٌ ذو حدّين، يُمكنه أن يُنير الطريق، ولكن يُمكنه أيضا أن يُمزّق العلاقات، أن ينهي الود، يمكنه أن يسبب الصدمات والأزمات، أما الذكاء العاطفي، بوصلةٌ تُرشدنا في علاقاتنا، وتُساعدنا على فهم مشاعرنا ومشاعر الآخرين، لكن تخيل معي ماذا لو تغلّب الذكاء المنطقي على الذكاء العاطفي؟ أو ماذا لو تغلب العقل على القلب؟

سأُصبح آلةً تحسب كل شيء قبل فعله، تحلل كلّ شيء بمنطق بارد، وما أكثر هؤلاء الآن، كما أنني لن أُعطي مجالًا للمشاعر، ولن أُبالي بمشاعر الآخرين، ستصبح علاقاتي سطحية، خالية من الدفء والحبّ، والود، أو حتى التعاطف، سأُصبح وحيدًا، مُحاطًا بأشخاصٍ لا أُفهمهم، ولا يفهمونني، سأفقد القدرة على الإبداع، لأنّ المبدعين هم من أصحاب المشاعر والحس المرهف بل هم أصحاب قلوب قبل أن يكونوا أصحاب موهبة.

لا أريدُ أن أصبح هكذا، أريد أن أُحافظ على التوازن بين عقلي وقلبي، لا أرد أن يغلب أحدهما الآخر، أريد أن انهي الصراع بينهما، أو حتى إقامة هدنة، أريد أن استخدم ذكائي المنطقي لتحسين حياتي، دون أن أفقد قدرتي على الشعور، أرغب في توطيد علاقاتي واستمرارها مع الآخرين.

لذلك من المهم أن نوازن بين العقل والقلب، واستخدام الذكاء المنطقي لتحسين الحياة، دون أن نفقد قدرتنا على الشعور، فالإنسان ليس إنسانا بعقله فقط، أو بقلبه فقط، بل يكون إنسانا بهما معًا، ولا يمكن الاستغناء عنهما فهما متكاملان وغير متضادان.