قبل أيام كنت أصفح اليويتوب كعادتي، والأن أغلب ما أشهده هناك هو البودكاست، ظهرت أمامي كمية كبيرة من البودكاساتنا الطويلة عن الثراء وريادة الأعمال، بعد مقارنة بسيطة، وجدت أن كلها تريد نشر فكرة واحدة، وهي أن الثراء أمر سهل ومن الواجب على المرء أن يصبح غني بأي طريقة! لدرجة أن أحدى البودكاستات تٌقدم أحد الرياديين الذي يقول أن ليس هناك في ما هو أسهل من الحصول على مليون دولار .

السوشيال ميديا تتجه بنا شيء فشيء إلى تغيير رؤيتنا للإنسان نفسه، ليس من الصعب على أي ملاحظ أن يفهم أننا على أعتاب مرحلة جديدة وهي التي تحكم على إنسانية الإنسان من حجم أملاكه واستثماراته، فمن ليس له مال أو استثمار على الأغلب بعد مدة وجيزة لن يتم تصنيفه على أنه إنسان أصلا، ولا غرابة، فاليوم أنت عندك قرش تسوى قرش ببساطة.

واحدة من أخطر المغالطات التي تسوقها لما السوشيال ميديا هي أن الثراء من المفترض أنه هو الوضع الطبيعي وليس الإستثناء، وذلك من خلال مبررات جد سطحية، أهمها أن لا حُجة لشخص له كل الأهلية والقدرات العقلية اليوم أن يعيش فقيراً، لدرجة أن الكثير ممن يقدمون أنفسهم على أنهم رواد أعمال، يصرحون بأن الفقر مرض عقلي، وأن من يقبل العيش فقيراً يستحق العذاب الذي هو فيه، وبالتالي هو لا يستحق أن يتم التعاطف معه، بل و يُعتبر في نظر البعض موضع احتقار وازدراء ، هذا مع تأكيد مبالغ فيه على أن كل من يعيش تحت مستوى الثراء، يٌعد فقيراً ، وكل فقير متأخر عقليا !!.