لعلَ حبّنا لبرنامج الطفولة"سوبرمان" قد زرعَ في نفوس البعض منّا شيئًا غريبًا،فبقدراته الخارقة ومُسارعته لإنقاذ الآخرين من المآزق والمخاطر، زرع في بعضنا حُبّ البطولة،لكن من نوع آخر تقريباً!

عندما يتعلّقُ الأمر بالنصيحة،فإننا لا نتهاون أبداً في أن نسرعَ لنقدّمها لمن حولنا عندما نجدهم في حيرةٍ من أمرهم.

في أعماقِ كلٍّ منّا ذلك المقدامُ الشّجاع الذي ينتظرُ الآخرَ ليطلبَ منه العَون، فيدخلَ ساحة المعركة الخاصة بالآخر،ويحسمَ الأمرَ بحنكته وذكائه!

وأحياناً لا ينتظرُ ذلك الطلب،فيبادرُ لاقتحام تلك الساحة متقمّصاً دورَ المنقِذ.

يصرفُ البعض منّا وقتاً هائلاً ويستهلكُ طاقاتٍ كثيرةً يومياً في إبداء الآراء وتقديم النصائح"بنيّةٍ طيبةٍ "لمن حوله بغية إيصالهم -في اعتقاده-لبرّ الأمان الذي يَنشُدونه .

هل خطرَ في أذهاننا يوماً ما إذا كانَ اقتحامُنا لمعركة أحدهم رغبةً بالمساعدة،في نظرِه سيكون أشبهَ "بالعَرقَلة"!

او استخفافاً بقدراته أو قوّته في مواجهة خصومه.

هل لاحَ في مخيّلاتنا لبرهةٍ واحدة،أنّ من أمامنا قد يكون "غير مستعدٍّ" لتقبّل المساعدة تلك،أو قد يكون من أولئك غير القابلين للمساعدة أصلاً؟

ماذا لو نظرنا من زاوية أخرى، أنّ هذا الوقت الضائع الذي نقضيه في محاولة إفادة الاخرين بنصائحنا وإقناعهم بأفكارنا يمكننا تحويلهُ ليصبحَ"ثميناً" عندما نستخدمه في تطوير أنفسنا للأفضل،والانشغال بمعاركنا الخاصة مثلاً؟

يقول الأديب والطبيب النفسي السوري المعروف "رفيف المهنا" في أحد منشوراته:

"النصيحة كانت بــ "جَمَل" و لازم تظلّ بــ " جَمَل" و أغلى من "جَمَل" كمان .

و كلما زاد سعر النصيحة كلما كان أحسن .

النصيحة ما لازم تكون ببلاش .

النصيحة بدون طلب شي بيشبه العنف .

أو بأحسن الأحوال "تدخّل سافر " بشؤون شخص آخر.

النصيحة و حتى تكون نصيحة لازم تكون مطلوبة - و بشدة كمان- و إلا فما بتكون نصيحة"

لكن مهلاً،ماذا عنك؟

هل أنت ممّن يؤيدون إعطاء النصيحة لمن تراه بحاجتها حتّى وإن لم يطلبها،أم أنك لا تقدّمها إلّا بطلبٍ مُسبق؟

صبا عباس