بهذه البساطة عبر إبراهيم الفقي عن آفة إجتماعية خطيرة منتشرة بمجتمعاتنا، وهي"التقليد" أو المحاكاة الاجتماعية..

ورغم أن المحاكاة تعتبر واحدة من أهم طرق التعلم، التي اتبعها البشر منذ القدم لتطوير مهاراتهم، إلا أن المبالغة في ممارستها ـ خاصة دون وعي ـ قد يصيب الإنسان بحالة مرضية تعرف ب الأداء الصدوي أو (ايكوبراكسيا، Echopraxia) ويصنف من الأمراض النفسية الشائعة بين الناس بتقليد أو تكرار حركات بعضهم البعض دون وعي.

وبوقتنا الحاضر لا يقتصر تقليد الآخرين على محاكاة حركاتهم الجسدية فقط، بل امتد الأمر لمحاكاة سلوكياتهم، بل وخططهم المستقبلية!!

وأبرز مثال يحضرني هنا، هو ما يعانيه طلبة وطالبات الثانوية العامة، عندما يتم دفعهم دفعا للسير على خُطى من سبقوهم!.

وما أكثر قصص الطلاب الذين درسوا تخصصا جامعيا محددا، فقط لأن والديهم هم من أرادوا لهم ذلك، لأنهم يطمحون إلى محاكاة نجاح الطبيب فلان، أو المهندس، أو الضابط، وغيرهم من النماذج التي يتطلع الكثيرون إلى نسخ حياتهم بأدق تفاصيلها!

وبالطبع لايقتصر التقليد على النماذج الصالحة فقط، فأحيانا يلجأ البعض ـ خاصة الشباب بفترة المراهقة ـ يميلون إلى تقليد تصرفات بعض المشاهير بمجال ما، دونما وعي بخطورة تلك التصرفات، وعدم تماشيها مع حياتهم الخاصة.

ويصف شوبنهاور ذلك الوضع بقوله: " إننا نتخلى عن ثلاث أرباع أنفسنا لكي نصبح مثل الآخرين"!

برأيكم هل يصح أن يتخلى الإنسان عن أحلامه وخططه، لكي يقلد شخص آخر ويتبع خطته؟!.. وإذا اتيحت لكم فرصة تقليد حياة شخص آخر، فهل تقبلون، ومن سيكون ذلك الشخص؟