كنتُ أستمع للقاء لجوردان بيترسون، يقول أنّه قد اشترى بدلات غالية الثمن في 2018، وشعر لوهلة بالسوء وكأنّه تباهي، لكنّه بعد ذلك لاحظ أثر ما يرتديه على الناس، فكان الجمهور يأتي ببدلات رسمية للقاءاته، بدلًا من تيشيرت وجينز.

بيترسون كان يُريد أن يُوصل للناس، بطريقة لا تستخدم الكلمات، أنّه شخص حري بالثقة، يُقدِّم محتوى أكاديمي علمي موثوق، وهذا ما كان يصل للناس فعلًا. الملابس تَحكي الكثير عنّا، عن شخصياتنا، تُوصل للناس اشارات ما كانت لتصل من خلال حديثنا وحده، خصوصًا لو كنّا في المناصب العالية.

وموضوع الملابس الأنيقة موضوع قديم، ترى قائدًا عسكريًا وهو في حومة الوغى، يرتدي أبهى ما يرى الناظر، أو كما يُطلق عنه "كان مُسوَّمًا" أي يرتدي شيئًا يُشير إلى أنّه من سادة القوم، وحتّى رأس العشيرة في الصحراء يرتدي عباءة مُطرّزة بالألوان، وهذه من المعاني التي ذُكرت كثيرًا في الشعر القديم.

تعرفون مارك زوكربيرغ، وتعرفون قصَّته مع اختيار ملابس متشابهة في كلِّ مرّة، لكيلا يصرف الوقت في التفكير بالملبس المناسب، واتبعه على نفس عدد كبير من رجال الأعمال، وأحبُّ هذه الطريقة في التهندم، لكنِّي أظنّها قد أضرَّت بشركاته.

مشكلة مارك أنّ الناس لم تعد تثق به، ومما ساهم في ذلك طريقة ملابسه وشخصيته غريبة الأطوار، طريقة تقديمك لنفسك لها أثر كبير في القبول بين الناس، ولو كنتَ تدير شركة تُتهم دائمًا بتسريب المعلومات واشاعة البيانات، فارتداء زيّ بسيط فيه سنحة المدير النيرد، قد لا يكون اختيارًا صحيحًا.

لستُ ممّن يأبه بالملابس كثيرًا، لكنّي أؤمن بأثرها في التواصل، وأرى أنّه من الضروري أن تفكِّر بما تريد أيصاله للناس، وترى بعد ذلك هل ما ترتديه يوصلك لهدفك أم يؤذيك؟ بالنسبة لكثير منّا الأمر لا يفرق كثيرًا، لكنّ لأمثال زوكربيرغ قد يكون الأمر ضروريًا.