لا أبالغ إن قلت أن هنالك نسبة لا بأس بها قد تتحرق شوقًا لإفشاء سرًا ما أؤتمن عليه، ليس بالضرورة لانهم لا يدركون بأنّ إفشاء الاسرار قد يكون سلوك مشين ومستهجن، ولكن قد يكون لأسباب مختلفة!

عالم النفس سيغموند فرويد كان مشرفًا على حالة نفسية لإحدى الفتيات تدعى إيدا باور ، هذه الفتاة عاجزة عن الكلام، كثيرًا ما كانت مكتئبة ومنطوية على نفسها، تُلمح في بعض الأحيان بأنها تود الانتحار، فرويد كان يسعى جاهدًا لمعرفة السبب في وصول هذه الفتاة إلى ما وصلت إليه، بينما كان يساعدها في معرفة طبيعة مرضها؛ لاحظ بأنها تلعب بحقيبة يد صغيرة بشكل ملفت للنظر، متوترة للغاية. وهنا استشف فرويد أن سلوك باور هو تعبير عن الرغبة المكبوتة كما قاله بأنه: " لا يمكن لأي إنسان أن يخفي سرًا. إذا كانت شفتاه صامتتين، يثرثر بأطراف أصابعه؛ الخيانة تنضح منه في كل مسام".

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، لماذا لا نستطيع الاحتفاظ بأسرارنا؟ لماذا ينتهي بنا المطاف دائمًا بمشاركة من الاسرار مع الاخرين؟ الدكتور عاصم شاه من كلية بايلور الامريكية يقول بأنّه من الصعب على الشخص الاحتفاظ بالسر لنفسه لأنه قد يصبح عبئًا عليه، علاوة على ذلك إن بمجرد أن تطلب منه الا يخبر أحد يبدأ في الشعور بالهوس والقلق و يستحوذ انتباهه و عليه لا يمكن كبح جماح مثل هذا الامر بدون أن يشاركه أي السر مع شخص اخر.

شاه يرى أن ثمة سبب اخر في إفشاء الاسرار وهو أن أصحابها قد يراودهم الشعور بالذنب وربما تطور لديهم شعور بعدم الثقة لهذا يلجأون للبوح به لمقربين.

قد يُسألني البعض : ولماذا لا ينأي الشخص نفسه عن التفكير في السر الذي يتم اخباره به؟ لماذا لا ينساه؟ حسب علماء النفس أننا عندما نسعى جاهدين إلى عدم التفكير في شيء ما ، فإننا غالبًا ما ينتهي بنا الأمر إلى التفكير فيه أكثر.

مثل هذه الأمور تتطلب منا التفكير في كيفية التعامل مع الرغبة الملحة في عدم القدرة كتمان الاسرار؟ هنا يعود الدكتور شاه ويوصينا بوضع أنفسنا في مكان الشخص الذي يأتمننا على السر، . نفكر في ما سنشعر به إذا تمت مشاركة سرنا. أي بمعنى أخر نتخيل عواقب عدم كتمان الاسرار.

وأنتم، كيف تتعاملون مع الرغبة الملحة في إفشاء الاسرار؟ هل تخفونها وبالتالي قد تعانون من ضغوطات نفسية وعقلية و ربما جسدية؟