لا أحبُّ الأعداد الكبيرة التي تُقبل في المجموعات الطبية، أولًا أنا أغار، ثانيًا الأعداد الكبيرة تعيق التعليم الطبي الصحيح.

كلّيتنا كانت تُخرِّج 150-200 طالبًا كل سنة قبل عقد من الزمان، في 2018 حدثت طفرة في طبّ بغداد، حيث صار هناك 485 طالبًا مقبولًا في مرحلة واحدة، هذه كانت دفعتي، أكثر دفعة لاقت التنمّر على العدد.

لم يدم الأمر طويلًا، حتّى أتت الدفعات التي بعدنا، دفعة كورونا ضربت الرقم القياسي وقبلت ما يقارب 800 طالب، حاولوا السيطرة على الموضوع وتقليل هذا العدد فلم ينجحوا وصارت الكلية تقبل 600-700 طالبًا بشكل مستمر كل سنة.

يتطلّب الدخول في كليتنا أن تكون صاحب أعلى معدَّل في العراق، لأنّ الدراسة فيها ميزة أنّها تجاور مدينة الطب، مركز كل المؤسسات الصحية في البلد.

لهذا، زيادة الأعداد في كليتنا هي انعكاس لزيادة الأعداد المقبولة في الطب البشري بشكل خاص، والمجموعات الطبية بشكل عام.

الحال في بقية البلدان يتشابه، حسنًا ليست لديِّ احصائيات واضحة، إنما أحكم من تغريدات تويتر التي أراها!

عمومًا، القبول في المجموعات الطبية يتطلَّب انضباطًا من الفرد، وقدرة على الحفاظ على التركيز لفترة ليست هيّنة من الوقت. تحتاج 9-12 شهرًا بإنضباط في التحضير للبكلوريا.

العامل الذي يجعل الطلاب تحقق معدلات أكثر هي أن الأسئلة تقريبًا ثابتة الصعوبة، لكنِّ الذي يحدث أنّ الأفكار تتكرر، كما يقول الحكماء، من يقرأ الماضي، لا يفاجئه المستقبل.

على الرغم من ذلك، وجود طلاب قادرين على الحفاظ على تركيزهم، وتحمّل الضغط لطول هذه الفترة، يجعلك تستبشر خيرًا بالبشر، وتعرف أنّهم قادرون على تحديد انغماسهم في الحياة الرقمية لمدّة من الوقت، لكي ينالوا هدفًا ساميًا.

الأمر يعجبني، ما زلنا قادرين على الانتصار على المشتتات بإرادة تنبع من الحياة الحقيقية، لم تتحكّم بنا الخوارزميات بالكامل بعد.

ربما هناك من ينغمس كثيرًا في الحياة الرقمية على الإنترنت، وفي نفس الوقت يحقق معدلًا عاليًا، هذا بالذات تحتاجه في كلّية الطب لمستوى ذكاءه :D