بغض النظر عن جنس الطفل، أي خلل في العلاقة مع أي من الوالدين، قد يكوّن لديه اضطرابات نفسية تؤثر على خياراته العاطفية في ما بعد، إلا أن للعلاقة بين الوالد والابنة أهمية خاصة ومباشرة في ذلك الجانب من حياتها. فبداية وقبل أي شيئ، قد يكون سوء الاختيار في بعض الأحيان نتيجة لعوامل خارجية استثنائية أو واقع فرض نفسه، ولكنني هنا أخصص الفئة من الفتيات اللواتي تتكرر خياراتهن السيئة ونراهم دائما في نمط علاقات معين. فهذا ليس السبب النفسي الوحيد وراء تلك الخيارات، إلا أنه قد يكون الأكثر شيوعا.

  فالأب هو من يمثل الجنس الآخر بالنسبة للطفلة أي أن نظرتها للرجال تعتمد عليه بشكل كبير، ومعاملته لوالدتها تشكل لديها الوضع الطبيعي لماهية العلاقة بين الرجل والمرأة. عندما تكون العلاقة صحية بين الفتاة ووالدها، أي تتلقى الدعم والاهتمام بالكمية والشكل الصحيحين، يتكون لديها إحساس صحي بالاستحقاق بالإضافة إلى معايير التعامل التي تقبل بها من الذكور في حياتها. ومن جهة أخرى، عدم الحصول على الاهتمام الكافي من الوالد يجعل الفتاة بحالة تعطش فتبالغ في تقييم أي شخص يهتم بها وقد ترضى بالقليل لأنها لم نعرف أصلا ما هو المعيار الصحي. فنجد الفتياة اللواتي يتقبلن المعاملة الرديئة كوضع طبيعي لأنها لم تتلقى معاملة أفضل ولم تششهج على علاقة صحية بين والديها. 

  وكون الفتاة لا تشعر بالأمان الطبيعي والدعم الكافي، قد نجدها بحاجة أكبر إلى وجود رجل في حياتها لتشعر بالاكتمال وهذه الحاجة المفرطة قد تدفعها إلى التمسك بعلاقات لا تتلقى فيها التقدير الكافي. فنجد الفتاة هنا ترضى لمن هم أقل منها بكثير بل وتعتبر أن هذا ما تستحقه. فلهذا الخلل في القيمة الذاتية والاستحقاق المنخفض تجليات عديدة ومختلفة نتيجتها واحدة، ألا وهي سوء قدرة على الاختيار. ناهيك عن ذلك، وفي بعض الحالات التي تتعرض فيها الفتاة لظام من الوالد أو تشهد على ظلم والدتها، قد ينشأ عندها نفور من الجنس الآخر وانعدام ثقة قد يؤدي في بعض الأحيان إلى المثلية الجنسية. 

 هذا مجرد غيث من فيض من الاحتمالات الواردة الحدوث، وفي الكثير من الأحيان تكون الأحداث المعينة مدفونة في اللاوعي فلا تدرك الفتاة أن اليبب وراء أنماط نفكيرها نابع من علاقتها مع والدها.

 فكيف يمكن برأيكم أن أن تؤثر الاضطرابات في العلاقة مع الوالد على الحياة العاطفية للفتاة؟ وما النصيحة التي توجهونها لتلك الفتيات؟