باتت أيامنا لا تخلو من عبارات مثل "الله يستر من الأعظم" و"سنترحم على هذه الأيام" و"أصبحنا في آخر الزمان" و"الآتي أسوء". كلها عبارات تبث التشاؤم والرعب في قلوبنا، على الرغم من أننا نميل إلى تصديقها أو على الأقل لا ننظر إلى المستقبل بتفاؤل. 

فعالمنا اليوم مليئ بالظواهر المثيرة للقلق كالحروب وكثرة النزاعات والأوبئة وتراجع الضوابط الاجتماعية، ولكن هل فعلا الأمور بهذا السوء؟ وهل من عصر مر خلا من المصائب والحروب والمآسي التي تفوق شناعة ما يحدث الآن؟ كالحرب العالمية مثلا؟ فإن فكرنا بموضوعية، سنجد أننا نميل إلى توقع الأسوء بشكل مبالغ فيه، وهذا تحيز معرفي يدعى بالاعتقاد بالانحدارية أو "declinism". 

فهذا التحيز المعرفي يخدع عقلنا، فيصور له الماضي على أنه أفضل مما كان فعليا في حين يصور المستقبل على أنه سلبي ويحمل أحداث غير مرغوبة.

 فعلى سبيل المثال، أظهر استبيان إنكليزي نشر في العام 2015 أن البريطانيين يعتبرون أن الأمور في السابق كانت أفضل. أما الحقيقية فهي أنهم كانوا ينعمون بظروف حياتية أفضل من أي وقت مضى في وقت الاستبيان. فهذه واحدة من الكثير من الدراسات العلمية المثبتة التي تبرهن ميلنا إلى تجميل الماضي والتشاؤم من المستقبل. لذلك لماذا لا نلقي نظرة على تاريخ الكوارث والمآسي منذ قديم الزمان حتى الآن، أفليس لكل زمن نصيبه من السلبية؟ 

فقبل أن نطلق الأحكام والتنبؤات، علينا فهم كيفية عمل عقلنا وما الخدع التي يمارسها علينا كي نستطيع رؤية الأمور بوضوح. فنحن كجيل جديد، نشعر بالإحباط من انتشار هذه الظاهرة بشكل مفرط على الرغم من أننا ندرك صعوبات عصرنا ومخاطره. 

ومن أفضل الكتب التي تناولت هذه الظاهرة بشكل عملي هو كتاب الإلمام بالحقيقة: عشرة أسباب تجعلنا مخطئين بشأن العالم وعلة كون الأمور أفضل مما تظن، وقد تناول عشر غرائز تشوه وجهات نظرنا ورؤيتنا للأمور، ويكشف لنا كيف نبني رأي ونفهم الأمور والظواهر بواقعية وبدون أن نتحيز أو نخضع لأي تأثيرات تشوش علينا هذا القرار.

فبكل موضوعية وصراحة، وبناء على معطيات محددة لا مجرد أحاسيس، هل تعتقدون فعلا أن العالم ذاهب إلى الأسوء والماضي كان أفضل حالا؟