إنَّ المقانع التي توضع على الوجوه حماية من الفايروسات، والتي تسمّى بالكمامات، تغطِّي كلَّ شيء إلّا العيون، ولعمرك إنَّ في هذا بلاء عظيم، فلحاظ الغانيات أنفذُ في القلوب حين لا يُشتّتك عنها شيء، وهذا ما تفعله المقانع إذ تُغطِّي تلك البقية من الوجه التي كانت تُعادل أثر العيون.

لكن بعيدًا عن أحاديث الهوى، أما تشعرون أنَّ ارتداء الكمامات بصورة مستمرّة، قد جعلت الكثير من الناس غير مطمئنّين من مظهر وجههم الطبيعي؟ فأصبح تغطية وجههم هو الخيار المُريح والآمن؟

ألجأ لهذه الطريقة أحيانًا حين أكون في موعد لا يكون عندي الوقت لتشذيب لحيتي، أفضِّل ارتداء الكمامة، فأظهر بمظهر احترافي أكثر.

بعد قلّة التشديد على الكمامات، وتسامح بعض الدول الأجنبية مع عدم ارتدائها، وُجِد أن بعض المراهقين لا زالوا يرتدون الكمامات بصورة مستمرّة، حتّى لو لم يكن لذلك ضرورة.

تقول صوفيا برادلي، طبيبة نفسية ومديرة لمختبر يُجري الدراسات على البالغين والمراهقين في جامعة دلوير: "في هذه المرحلة من النمو، تتغيَّر طريقة عرض المراهقين لأنفسهم" ثمَّ تقول لتربط الموضوع مع ارتداء الكمامات: "أكيد، يجب أن نتوقَّع أن تكون هذه المرحلة الانتقالية -بين ارتداء الكمامات وخلعها- صعبة"

لكن هل الأمر يخصّ المراهقين فقط؟

بروفسيور الطب النفسي في جامعة واترلو ديفيد موسكوفيتش يقول أنَّ ارتداء الكمامات تُوفِّر غطاء أمان يحمي من بعض الضغوطات الاجتماعية التي تأتي من خوف عرض عيوبنا الشكلية، أو حتّى اظهار بعض علامات القلق التي تغطّيها الكمامات.

موسكوفيتش في دراسته الأخيرة يعزو السبب إلى التشديد الذي جرى على ارتداء الكمامات في وقت فايروس كورونا، ويقول أنَّ عدم الأمان هذا طبيعي في ظرف تغيَّرت فيه الكثير من الأمور المُعتادة في المجتمع خلال فترة الفايروس.

شخصيًا أرى أنَّ ارتداء الكمامات -بعيدًا عن سياقات الفايروس- تروِّج لثقافة "الكمال" نفس الثقافة التي تروِّج لها الفلاتر في تطبيقات التصوير.

حين ترى شخصًا مُكممًا ومقنَّعًا، سترى عيونًا جميلة، أنفًا متسقًا ووجهًا متناظرا من غير بثور، لن تتخيّل وجود الصفات الأقل جاذبية، رغم أن الطبيعي والسائد في معظم البشر هو وجودها.

كيف يُمكن برأيكم أن يتخلَّص الفرد من خوف الظهور بدون الكمامات؟