بناء الأبناءِ خير من البناءِ لهم، مع أم ضد، ولماذا؟

أؤمن بأن كل طفل يولد برزقه وقدراته، ولا داعي للأب أن يؤمن "مستقبل أولاده" فلو كان لهم رصيد ثابت وراثة من الأبفالزمن ليس بثابت!

لكن لو كان لهم رصيد من الوراثة من أبيهم أي كان حجمه، وكان لديهم الأساسيات فسيتمكنوا من الاستثمار بشكل جيد بأي مجال ينتمون له، لدي صديقة لولا ميراث أبيها ما كانت استطاعت أن تزوج أولادها كما فعلت ولا استطاعت أن تمنح أولادها نفس الذي منحها إياه والدها، الزمن ليس ثابتا كما تقولين، وكلما يمر الزمن تصبح الأمور أكثر تعقيدا.

وهذا أحد الأسباب التي تنتج لنا أولاداً متكاسلين مهملين مستهلكين ومدللين ومنتج لجيل لا يأبه للعمل بل الثرثرة، فما فائدة ضمان مستقبلهم وعدم ضمان عقولهم وأفكارهم، إن كانت جيدة أم لا؟!

وماذا عن العمل على الناحيتين الاستثمار بعقولهم قدر الإمكان والبناء لهم أيضا قدر الإمكان، لا هذا على حساب ذلك أو العكس.

لندع عقولهم تسمو بقدر من المعلومات ونؤثر عليهم بالخلق الحسن والعقيدة السليمة ونعطيهم الخيار في العمل أو الكسل كما أعطينا نحن تلك الفرصة.

وماذا لو اختصرنا عليهم الخطوات، مثلا وليكن لدي مشروع ولدي خبرة به لكن ليس لدي مال، أليس توافر ميراث سيساعدني حتى لو على البدء ثم أستمر أنا بقدراتي، ألن يكون أفضل بكثير.

فعلى الرغم من المميزات التي كان من الممكن الحصول عليها نتيجة لذلك إلا أنني أعلم تمام العلم بأننى كنت سأظل ناقماً على أهلي طول العمر بسبب تخليهم عني في مرحلة النمو.

لا أؤيد مطلقا حرمان الطفل حتى يصبح شابا مسئولا من جو العائلة ومن تواجده بين أمه وأبيه، فبشكل أو بآخر سيؤثر سلبا على شخصيته.

لذا لا أؤيد أبدا أن يغترب الأب دون عائلته بحجة أنه يؤمن لهم مستقبلهم، فعند العودة سيكون المال موجود والأولاد أيضا لكن بالغالب لن يجد له مكان بينهم.

ومع ذلك فإننى مع العمل بشكل أكبر للتوفيق بين الدورين أو بناء الأبناء والبناء لهم وإن كان ذلك يتطلب مشقة أكبر وتضحيات أكثر إلا أن العائد يستحق الجهد المبذول.

تماما مينا، هل كان لك تجربة مع ذلك، هل تم البناء لك وشعرت بأن العائد كان يستحق، وأي أن كانت الإجابة هل ستتبع ذلك عندما تكون مسئولا؟

هناك أباء إيمان، لا يبذلون جهدا مضاعفا ويكتفون بالممكن بناءً على هذه الحجة، وأن البناء للأولاد ليس مسئوليتهم بل التربية والتنشئة مسئوليتهم، ويرددون أن يفعلون لأنفسهم كما فعلنا لأنفسنا، هذه العبارة سمعتها بالحرف من أب، وكنا نتناقش حول هذه الفكرة، ورغم أنه يمكنه بذل هذا المجهود لكن كان يراه ليس من ضمن مسئولياته وليس مجبرا لفعله.

حقيقًة نورا الوضع الاقتصادي والبطالة والفقر المدقع تحتم على الآباء مساعدة ابناءهم ولو مساعدة قليلة في تأمين حياتهم.

المشكل هنا هدى، أن الدول التي يكون بها الوضع الاقتصادي سيء يكون على الطرفين الآباء في قلة حصولهم على فرص لتحسين دخلهم أو توافر البيئة المناسبة للمشروع، وعلى الجانب الآخر تجد الابن يخرج لنفس المعاناة.

لكن هناك بعض الآباء يكن لديهم فرص للعمل بالخارج أو بذل مجهودا إضافيا وبهذا يمكن أن يبني لأولاده ولكن رده يكون لست مجبرا على هذا فهم مسئولون عن أنفسهم وبناءها. هنا أجد نوعا من عدم تحمل المسئولية خاصةً أني أرى أمامي نماذج بين هذا النوع وهذا النوع وطبعا النتائج واضحة جدا في الصعوبات التي يواجهها كل فريق، وهذا خلق بداخلي دافع أن نبذل جهدا إضافيا كمسئوليين من أجل أولادنا حتى نكون كيد العون بالمستقبل.

وهي تتوافق مع مقولة " الأولى أن تستثمر في أبناءك أفضل من أي شئ أخر" برأي مقبولة الى حد ما فقط من ناحية الفائدة التي تحققها بعد تكوينك لأبناءك،

أحيانا أجد هذه المقولة مثالية أكثر من الضروري، فما هو نوع الاستثمار الذي يقصده؟

لكن أليس بناء الأبناء كافيا بمرحلة معينة يمكن على أساسها الانتقال لمرحلة أخرى وهي البناء لهم

مثلا نعلم جميعا أن مرحلة التأسيس لدى الأطفال هي أهم مرحلة، ولكن بأول خمس سنوات مثلا قد لا يحتاج الطفل أبيه بقدر ما يحتاج أمه، قد يكون تواجده الطبيعي بالمنزل كافيا، تليه مرحلة المراهقة وهي مرحلة صعبة تحتاج لوقت وتواصل أكثر فاعلية وبعدها قد يقل هذا الاحتياج والتواصل مع الوقت بل أن الأبناء بعد ذلك يستقلون بحياتهم ويصبح لهم خصوصيات.

 من المؤكد بأن ابناء الرجل الاول سيقومون بتحقيق ما حققه الرجل الثاني لأولاده بأنفسهم دون الحاجة لمساعد في ذلك

من المحتمل وليس المؤكد، وفكرة أنهم يحققون ما حققه الرجل الثاني لأولاده واردة ولكن ليست بسهولة، من واقع الحياة أحدثك، المسئوليات كثيرة ومتطلبات الحياة الأساسية أصبحت باهظة، فحتى لو كنت تعملين بجد قد لا تصلي لذلك.

أرى أنك تؤمنين بالمقولة وبشدة أمل، ألا يمكن الجمع بين الاثنين كما اقترح الزملاء هنا بالتعليقات، فأراه حلا مناسبا

فمثلا نحقق الوسط بالأمرين، فبدلا من أن استثمر بابني وأدخله مدارس انترناشونال وألحقه بنادي للعب الرياضة وبالمركز الأمريكي لتعلم اللغات وغيره وغيره أن يتعلم بالمدارس العادية ويمارس رياضة محددة حسب رغبته والباقي ابن له منه.

ألن يكون هذا كافيا؟

هذه القصة محمد ليست النموذج المعبر والصحيح لكل أب يسافر مثلا لكي يحيا أولاده حياة كريمة، فهناك نماذج كثيرة ولا حصر لها لآباء سافروا واستطاعوا أن يحققوا الموازنة بين تواجدهم كآباء وبنفس الوقت يعملون على تحقيق مستوى أفضل بحياة أولاده.

فهناك من يستقدم عائلته كل نصف سنة، ومنهم من يستقدمهم لسنوات حتى يصبحوا شباب مسئولين، وهناك وهناك، الفيصل هنا هو تحقيق التوازن بين الدورين، فلا نريد أب يجعل معاناة أطفاله في عدم سعيه ولا آباء همهم الاول والأخير كنز الأموال.

التعليم بشكل عام سواء لأنفسنا أو لأبنائنا أحد مجالات الاستثمار المهمة، وأفضل استثمار هو استثمار الشخص بنفسه أو بأولاده وبقدراتهم، لكن هل هذا يتعارض مع البناء لهم أيضا، أم يصعب تحقيق ذلك التوازن بالظروف الحالية؟

فأحيانا تجد أباء يوفرون الأساسيات لأولادهم وعندما تأتيهم فرص مثلا لدخل اكبر مع مجهود مضاعف، يرفضون فقط من أجل راحتهم والسبب أنه غير مسئول عن البناء لهم.