من الازدواجيات الخطيرة التي نعيشها كشعوب عربية هو ازدواجية المعيارية الزمنية، بحيث يكون الزمن في بعض الأحيان مهم جدا وكلما كان الإسراع فيه أكبر كلما كان ذلك أفضل، وهذا يكون في الأمور الدينية، مثل الإسراع للصلاة، الإسراع في الطاعات والبر، الإسراع إلى زيارة المريض وآداء التعازي وكل ما له علاقة بالدين والأخلاق كجزء مهم من الدين، مثل الإسراع إلى إغاثة الجار، والإسراع الى نصرة المظلوم، أو مساعدة الشيخ أو رفع الدين عن المديون...الخ.
لكن في الأمور الدنيوية يصبح الوقت عامل مهمل جدا، ولا يتم وضع اعتبار حقيقي له إلا إذا كان يوجد ضغط قانوني معين، مثل وقت العمل أو المدرسة أو البلدية...الخ، أما إذا غابت المراقبة القانونية للوقت، بصبح الوقت غير مهم للأغلبية، الساعة الواحدة مثل الساعة الرابعة، ومن يعدك بلقاء في مقهى على الساعة الثانية يأتي بعد الثالثة، وكل الأيام مثل بعضها فنجد الشخص يقول أن جميع الأيام سواء، الإثنين أو الخميس لا يهم ، الثلاثاء أو الأربعاء لا يهم، وكأن الحياة والوقت هو أمر لا يحتاج إلى حساب أو مراقبة، حتى أن المثل الشعبي الأكثر تداولا في الجزائر هو " كل عطلة فيها خير" أي لا بأس في التأخر فيه خير.
الأمر الذي ينبغي التفكير فيه بجدية هو هذا الإنفصال بين الجانب الأخلاقي والديني في حياتنا وبين الجانب المعيشي والعملي، فلماذا نعتبر أن تقديرنا للوقت الأخلاقي أم من تقديرنا للوقت الواقعي المعيشي؟ أليس هذا مشكل نفسي عقلي في منظومتنا المعرفية يجب أن نغيره؟
هذا الأمر يأخذنا إلى فكرة مهمة وهي هل فعلا أن كل ما نتعامل معه بأنه عاجل فعلا هو خير لنا بالضرورة وأن كل ما نأخره يمكن أن يحتمل التأخير .
أخبرني عن رأيك: هل فعلا خير البر عاجله، وكل عطلة فيها خير؟ وماذا نفعل لكي نتخلص من هذه الازدواجية ونصل إلى تقدير الوقت كما ينبغي في حياتنا؟
التعليقات