قد يبدو عنوان المساهمة غريبا، ولكن يحاكي جانبا من الصدق، وقد لا نختلف حول التسهيلات التي وفرتها التكنولوجيا الرقمية، لكون أصبح من السهل على الكاتب مشاركة ما يختلج في خاطره بضغطة زر فقط دون إجهاد النفس في عملية النشر والتوزيع، ولكن في المقابل البقاء في هذا المجال يستدعي الكثير من الاجتهاد والكد في عالم سادت في السرقات الأدبية وطغى فيه المحتوى الرديء وتراجع فيه عدد القراء بفضل وجود مغيرات أحاطت بهم من كل زاوية ، فأصبح من الصعب جدا المحافظة على انتباه القارئ من أول وهلة.

تخيلوا بأنه عدد زوار يوتيوب حول العالم يفوق 30 مليون زائر يَوْمِيًّا، أما عن عدد ساعات المقاطع التي تتم مشاهدتها على اليوتيوب يومياً أكثر من مليار ساعة. أما من ناحية صانعي المحتوى قد تم إحصاء حتى الآن 50 مليون صانع محتوى، وهناك أكثر من 1500 قناة يوتيوب يتعدى مشتركيها المليون مشترك. من خلال هذه الأرقام المذهلة لا أحث بطريقة مباشرة لتغيير المجال لصناعة المحتوى المرئي، ولكن لغة الأرقام هي الأخرى لا يمكن تكذيبها وهي من تصف حقيقة ما يحصل ولا يمكن أن ننكر ذلك بحججٍ غير مقنعة.

لذلك لا شيء محفز للكتابة للأشخاص الذين غايتهم هو جني المال من وراء هذا المجال، أما عن اَلْكِتَاب الذين تأقلموا مع كل الظروف التي سبق ومرت عليهم وكانت أقلامهم حاضرة في كل الأحوال لا يحتاجون لمحفزات ما دام هناك قراء أوفياء يقرؤون لهم، يحفزون أنفسهم بأنفسهم هدوء الصباح الباكر، الهواء النقي، حينما يكون الناس نياما يجدون راحتهم للإبداع وإطلاق العنان لأقلامهم.

والكاتب الحقيقي لا ينتظر المحفزات الخارجية ليكتب يكفي أن يحضر إلهامه ويوفر طقوسه الخاصة، ولكن الكاتب يوسف إدريس يقول غير ذلك "أن الأوكسجين الموجود في العالم العربي لا يكفي كاتبا واحدا، فعلى من يريد الكتابة اليوم أن يحلق بعيدا، أن يذهب إلى الغابات ليستمد أوكسجينه من الأشجار". ماذا يقصد الكاتب؟ هل يعني بأن بيئة الكتابة في العالم العربي أصبحت ملوثة لدرجة الاختناق؟

ولكن من الأشياء التي آراءها محفزة بحق للكتابة، هي الوصايا العشر التي تحدث عنها الكاتب مونتيروسو، قد لا يسعني هذا المقام لذكرها كلها، ولكن لعل أكثرها تحفيزا للكتابة هي:

- حين يكون لديك ما تقوله، قله، وحين لا يكون لديه، قله أيضا، أكتب دائما.

- كلما كتبت بشكل أفضل حصلت على قراء أكثر، في الوقت الذي ستمنحهم قطعا مهذبة على نحو متزايد، سيقدر عدد كبير من الناس إبداعاتك.

ما رأيك بهذا الطرح "لا شيء محفز للكتابة بعد اليوم"، ولماذا؟